الأول: جواز الاجتهاد مطلقاً شرعاً وعقلاً، سواء أكان فى الأحكام الشرعية أم المعاملات العامة كالأقضية والخصومات من غير تقييد بإنتظار الوحى. وإلى هذا ذهب عامة الأصوليين، ومالك والشافعى فى المشهور عنه، وأحمد بن حنبل، وعامة أهل الحديث، وهو منقول عن أبى يوسف من الحنفية على تفصيل فيه. الثانى: مثل الأول لكن بشرط انتظار الوحى مدة تقدر بخوف فوات الغرض الصحيح، وذلك بأن تعرض عليه الحادثة التى لا وحى ظاهر فيها، فينتظر، فإن لم ينزل عليه وحى بعده كان ذلك دليلاً على أنه مأذون له فى الاجتهاد، بل ومأمور به، حتى لا تترك الحادثة بغير حكم، وإلى هذا ذهب جمهور الحنفية. الثالث: لا يجوز له الاجتهاد مطلقاً، لا عقلاً ولا شرعاً، وهو قول الجبائى وابنه أبو هاشم من المعتزلة. الرابع: يجوز له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاجتهاد عقلاً، لكنه لم يتعبد به شرعاً، بمعنى أن الاجتهاد منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يترتب على فرض وقوعه محال لذاته ولا لغيره، أما عدم تعبده به شرعاً فلقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يوحَى} [النجم: ٣، ٤]، وقد رد عليه بأن الاجتهاد منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو من قبيل الوحى الباطن، لا من قبيل الرأى وهوى النفس المنفى عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الآية. الخامس: أنه يجوز له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاجتهاد فى الحروب والأمور الدنيوية، ولا يجوز له فى الأحكام الشرعية. حكاه السراج الهندى. السادس: أنه يجوز له فى الحروب فقط، ولا يجوز فى غيرها، وهو محكى عن القاضى والجبائى. السابع: التوقف وعدم القطع بشىء من ذلك، وهو منسوب إلى الشافعى، واختاره الغزالى لتعارض المدارك؛ لأن القول بترجيح رأى معين فيه ترجيح لأحد الدليلين المتساويين على الآخر بلا مُرجِّح، والترجيح بلا مرجح باطل. راجع: كشف الأسرار ٣/ ٩٢٤، تيسير التحرير ٤/ ١٨٤، حاشية البنانى على جمع الجوامع ٢/ ٤٠٤، المحصول ٢/ ٢٢، الأحكام للآمدى ٣/ ٢٤٢، المستصفى ٢/ ١٠٤.