للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِى كَيْفَ صَلَّى ".

ــ

وقوله: " حتى يخطر بين المرء ونفسه ": قال الباجى: معناه: يمُرُ فيحولُ بين المرء وما يريد من نفسه من إقباله على صلاته وإخلاصِه (١) وعلى هذا رواه أكثرهم بضم الطاء، وضبطناه عن أبى بحر بكسرِها، من قولهم: خطر البعير بذَنَبه إذا حركه، وكأنه يريدُ حركته بوسوسة النفس وشغل السر.

وقوله: " حتى يظل الرجلُ إنْ يدرى كم صلى ": يعنى يصير، قال الله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} (٢)، كذا رويناه عن شيوخنا بالظاء، وقيل: " يظل " بمعنى: يبقى ويدوم، وأنشدوا عليه:

ظَلِلْتُ ردائى فوق رأسى قاعدا (٣)

وحكى الداودى أنه روى " يَضلُ " بمعنى: ينسى ويذهب وهمُه، قال الله تعالى: {أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} (٤).

وقوله: " إن يدرى كم صلى ": رويناه بكسر الهمزة عن أكثرهم، ومعناه: ما يدرى، ويُروى: " أن يدرى " بفتحها، وهى رواية أبى عمر بن عبد البر، وقال: هى رواية أكثرهم (٥)، وقال: ومعناها: لا يدرى، وكذا ضبطها الأصيلى فى كتاب البخارى، ولا يصح تأويل النفى وتقدير لا مع الفتح، وإنما يكون بمعنى ما والنفى مع الكسر.

وقد رُوى هذا الحديث فى كتاب مسلم فى رواية قتيبة بالتفسيرين معاً: " لا يدرى، وما يدرى "، وفتحها لا يصح إِلا على رواية من روى: " يَضِل " بالضاد، فيكون " إنْ " مع الفعل بعدها بتأويل المصدر ومفعول ضلَّ، أى يجهل درايته وينسى عدد ركعاته.


(١) المنتقى ١/ ١٣٤.
(٢) النحل: ٥٨.
(٣) بقيته: أعد الحصى ما تنقضى عبراتى. التمهيد ١٨/ ٣١٩.
(٤) البقرة: ٢٨٢.
(٥) راجع: التمهيد ١٨/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>