للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلَامَ تُومِئُونَ بأَيْدِيكُمْ كأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمُسٍ؟ إِنَّما يَكْفِى أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ".

١٢١ - (...) وحدّثنا الْقَاسِم بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ فُرَات يَعْنِى الْقَزَّازَ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكنَّا إِذَا سَلّمْنَا، قُلْنَا بِأَيْدِينَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَا شَأنُكُمْ؟ تُشِيرُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمُسٍ؟ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَلْتَفِتْ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا يُومِئْ بِيَدِهِ ".

ــ

إذَا نخس. واحدها شموس وشمس، وقد ذكر ابن القصّار هذا الحديث حجة فى النهى عن رفع الأيدى فى الصلاة على رواية المنع من ذلك جملة، وذكر أن فى ذلك نزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاة} (١)، والمفسرون فى سبب نزول الآية على غير هذا.

وقوله: " إنا حلقًا فقال: مالى أراكم عِزين " (٢) أى جماعة جماعة متفرقين، الواحدة عِزَة، وخفف الزاى. أمرهم بالائتلاف والاجتماع وحذرهم من الفرقة، وقد يحتمل أنه نهاهم عن هذا فى الصلاة وأمرهم بوصل الصفوف، ألا تراه كيف قال: ثم خرج فقال: " ألا تصافون " (٣)، وفى هذا وفى الأحاديث الأخر فى الأمر بالصفوف وتسويتها وإقامتها والوعيد على ترك ذلك مما قد ذكره مسلم وغيره (٤)، مما لا يختلف فيه أنه من سنن وجماعات الصلاة وهديها، وحسن هيأتهم، وإكمال الصف الأول فالأول والتراصّ فيه (٥)، ليتم استقامته واعتداله، ولئلا يتخلله الشياطين، كما جاء فى الحديث، وتشبهًا بالملائكة فى صفوفها، ولما فى ذلك من جمال هيئة الجماعة للصلاة وحسنها، وتأتى صلاتهم فى صفوفهم دون أن يضيق بعضهم على بعض، ولا يتمكن بعضهم من تمام صلاته وسجوده إذا كانوا غير صفوف، ولأن فى ذلك مع مراعاةِ تمكنهم من صلاتهم من تكثير جمعهم أكثر مما يكون مع الاختلاط، ولئلا يشغل بعضهم بعضًا النظر إلى ما يشغله منه إذا كانوا مختلطين، وفى الصفوف غابتْ وجوه بعضهم عن بعض وكثير من حركاتهم، وإنما يلى بعضهم من بعض صفحات ظهورهم.


(١) النساء: ٧٧.
(٢) لفظ المطبوعة: فرآنا حِلَقًا.
(٣) لفظ المطبوعة: ألا تصفون.
(٤) أحمد فى المسند ٣/ ١٧٧، ٢٥٤، البخارى، ك الأذان، ب إقامة الصف من تمام الصلاة، أبو داود فى السنن، ك الصلاة، ب تسوية الصفوف، وكذا ابن ماجة، ك إقامة الصلاة والسنة فيها، ب إقامة الصفوف، جميعًا من حديث أنس بن مالك - رضى الله عنه.
(٥) وكيفية ابتداء الصف أن يبدأ بمن خلف الإمام، ثم بيمينه ثم بشماله. ذكره ابن حبيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>