للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ. فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ. ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وانْصَرَفَ. فَقَالُوا لَهُ: أَنَافَقْتَ يَا فُلَانُ؟! قَالَ: لَا. وَاللهِ، وَلآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلأُخْبِرَنَّهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا أصْحَابُ نَوَاضِحَ، نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَتَى فَافْتَتحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ. فَقَالَ:

ــ

أنه لو كان لنُقل، وأما قطع الرجل الصلاة لإطالة الإمام فإن الإمام إذا طال حتى خرج عن العادة وتعدى فى الإطالة، وخشى المأموم تلف بعض ماله إن أتمَّ معه الصلاة، أو فوت ما يلحقه منه ضرر شديد أشد من المال، فإنه يسوغ له الخروج من إمامته؛ لأنه قد جاء من الإمام خلاف ما دخل عليه (١) وهذا موضع الاجتهاد، ولعل الرجل تأوّل فى القطع هذا.

قال القاضى: واختلف العلماء فى صلاة المفترض خلف المتنفل، فأجازها الشافعى وأحمد فى طائفة من السلف؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث (٢)، ومنعت ذلك طائفة، وهو قول مالك وربيعة والكوفيين، وحجتهم قوله - عليه السلام -: " إنما جعل الإمام ليؤتم به " (٣) فلا يختلفوا عليه، ولا خلاف أشد من اختلاف النيات وزعم أولئك أن هذا فيما يظهر فيه الخلاف من الأفعال لا فيما يظن (٤)، وألزمهم هؤلاء الاتفاق على اتباعه فى السهو وإن لم يسهوا معه، واختلف أصحابنا إذا نزل ذلك، فأكثرهم يرون إعادة المأموم أبدًا، وسحنون يرى إعادته إذا ذكر فى اليومين والثلاثة وإذا تعد لم يعد، وأجاب أصحاب مالك ومن وافقه (٥) عن حديث معاذ بما ذكره الإمام أبو عبد الله، وقال الطحاوى: لعل هذا كان فى بدء الإسلام؛ حيث كان جائزاً أن نصلى الفريضة مرتين حتى نهاهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك (٦).


(١) فى ع: معه.
(٢) وكذا بما جاء فى الصحيح عن جابر وأبى بكرة: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى بالناس صلاة الظهر فى الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين، ثم سلم، ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم. وكذا أخرجه ابن أبى شيبة فى المصنف ٢/ ٤٦٤، ابن خزيمة (١٣٥٣)، الدارقطنى ٢/ ٦٠، البيهقى فى السنن الكبرى ٣/ ٢٥٩.
قال الإمام الشافعى فى هذا: والآخرة من هاتين للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نافلة وللآخرين فريضة. الأم، ب اختلاف نية الإمام والمأموم ١/ ١٧٣، معرفة السنن ٤/ ١٥٦.
(٣) سبق، وانظر البخارى فى صحيحه، ك الصلاة، ب الصلاة فى السطوح والمنبر (٣٧٨)، والموطأ، ك صلاة الجماعة، ب صلاة الإمام وهو جالس ١/ ١٣٥.
(٤) وقد أجمع مالك وأصحابه على أن من صلَّى فى بيته وحده أنَّه لا يؤم فى الإعادة غيرَه؛ لأن الأولى صلاته، وحجتهم فى ذلك ما رواه الأربعة عن جابر: " إذا صليتما فى رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ". وانظر: التمهيد ٤/ ٢٥٨، الاستذكار ٥/ ٣٥٨.
(٥) فى ت: معه.
(٦) شرح معانى الآثار ١/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>