في الأَنْف، كان كذلك في السِّنِّ، لا بأس بِشَدِّها بالذَّهَب إذا كان لا يُنْتِن، فيكون النَّتَن الذي من الفِضَّة مُبيحاً لاستعمال الذَّهَب، كما كان النَّتَن الذي يكون منها في الأَنْف مُبيحاً لاستعمال الذَّهَب مكانها، فهذه حُجَّةٌ. اهـ.
فعُلِمَ من الأحاديث التي ذكرناها وتضمَّنت النَّهي عن الأَكْل في آنية الذَّهَب والفِضَّة أنَّ النَّهي عامٌّ للرِّجال والنِّساء والصِّبيان، وأنَّ المراد بالأَكْل والشَّراب ما يَعُمُّ ما هو في معناهما ممَّا يتعلَّق بمَنفَعَة البَدَن، وأنَّ المراد بآنية الذَّهَب والفِضَّة كُلُّ ما اتُّخِذ منها وكان في معنى الآنية؛ كالمِبْخَرة، والمِكْحَلة، وغيرهما ممَّا قدَّمناه.
وقد انعقد الإجماع على ذلك، ولم يخالف ذلك إلَّا الشَّوكانيُّ؛ حيث قال بحِلِّ استعمال الفِضَّة للرِّجال والنِّساء على وجه الإطلاق؛ عملاً بقوله عليه الصَّلاة والسَّلام -كما رواه أبو داود-: (عَلَيْكُمْ بِالفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا)، وفضلاً عن كون الشَّوكانيِّ لم يبلغ مرتبة الاجتهاد؛ فإنَّ الإجماع قد انعقدَ قبله، فقوله خارقٌ له، فلا يُقْبَل.
وهذه الأحاديث عامَّة للرِّجال والنِّساء، وخاصَّة بالأَكْل والشُّرْب وما في معناهما، في آنيةِ الذَّهب والفضَّة وما في معناها.
وهناك أحاديث أُخرى جاء فيها صريحاً تحريم استعمال الذَّهب والفضَّة على وجه العموم للذُّكور فقط، بلا فَرْقٍ بين أن يكون الاستعمال أَكْلاً وشُرْباً وما في معناهما، في آنية الذَّهب والفضَّة وما في معناها، أو غير ذلك من طرق الاستعمال؛ فهي عامَّةٌ من هذا الوجه، وخاصَّة بالتَّحريم على الذكور فقط، وبالحِلِّ للنِّساء فقط؛ فحصل التَّعارض من بعض الوجوه بين هذه الأحاديث وبين تلك الأحاديث؛ فنَظَرْنا في ذلك فوجدنا أنَّ كُلًّا من العموم والخصوص بالنظر للرِّجال مُتَّفقان في الحُكم؛ وهو التَّحريم،