للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمذبوح، أمَّا غير المذبوح كالأسماك وغيرها فلا ضرورة لإيلامه؛ لإمكان الانتفاع به دون إيلام، وهذا غير متوفِّر في القتل بالصَّعْق الكهربائي؛ فإنَّه شديد الألم والتعذيب؛ لتسلُّطه على الجهاز العصبيِّ للكائن الحيِّ مباشرة، وهو من جنس طرق القتل التي حرَّمها الشرع؛ كالتحريق، والخنق، والتقطيع، والتردية من شاهق، والضرب بالخشب، أو الحديد، أو غير ذلك ممَّا يؤذي عند القتل، والقتل بالحجارة، وفي معنى ذلك أيضاً قتلُها بالسُّمِّ البطيء المفعول الذي يتعذَّب به الحيوان قبل موته.

وصَعْق الأسماك بالكهرباء يزيد على ذلك؛ حيث إنَّه قد لا يؤدِّي إلى الوفاة في الحال، فيظلُّ ألم الصعق مصاحباً للسمكة حتَّى تموت، وبذلك تذوق الألم مرَّتين: مرَّةً بصعقها بالكهرباء، ومرَّةً عند إخراجها من الماء.

ثمَّ إنَّه إذا لم يكن الصعق الكهربائي قاتلًا للأسماك الكبيرة، فإنَّه يؤدِّي غالباً إلى قتل كثير من الأسماك الصغيرة والكائنات البحريَّة.

والإسلام عندما أحلَّ للإنسان أَكْلَ الحيوان فقد حثَّه على الإحسان في طريقة قتله، وحذَّر من تعذيبه، وراعى الرفق والشفقة والرحمة في كلِّ الوسائل المشروعة لإزهاق روحه؛ صيداً كان ذلك، أو ذبحاً، أو نحراً، أو عقراً؛ فعن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) رواه الإمام مسلم في (صحيحه).

وعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ) متَّفق عليه.

قال القاضي عِيَاض في شرحه (إكمال المُعْلِم بفوائد مُسْلِم ٦/ ٣٩٥، ط. دار

<<  <  ج: ص:  >  >>