للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهم إنكار ذلك.

وإذا ثبت أنَّ كل ذلك يسمى خَمْراً لزم تحريم قليله وكثيره، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في ذلك، ثمَّ ذَكَرَها.

قال: وأمَّا الأحاديث عن الصحابة التي تمسَّك بها المُخالِف فلا يصحُّ منها شيء على ما قال عبد الله بن المبارك وأحمد وغيرهم، وعلى تقدير ثبوت شيء منها فهو محمولٌ على نقيع الزَّبيب أو التمر من قبل أن يدخل حَدِّ الإسْكار؛ جمعاً بين الأحاديث» ا. هـ.

وقد قال أبو بكر بن العربي في كتابه (أحكام القرآن) عند قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [البقرة: ٢١٩]: «إنَّ الخَمْر كُلُّ شراب مُلِذٍّ مُطْرِبٍ. قاله أهل المدينة وأهل مكَّة.

وتعلَّق أبو حنيفة بأحاديث ليس لها خُطُمٌ ولا أَزِمَّة ذكرناها في شرح الأحاديث ومسائل الخلاف، فلا يلتفت إليها» أ. هـ.

والصحيح ما روى الأئمَّة أنَّ أنساً قال: (حُرِّمَتِ الخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتْ وَمَا بِالمَدِينَةِ خَمْرَ الأَعْنَابِ إِلَّا قَلِيلٌ، وَعَامَّةُ خَمْرِها البُسْرُ وَالتَّمْرُ) خرَّجه البخاري.

واتَّفق الأئمَّة على رواية أنَّ الصحابة إذ حُرِّمَتِ الخَمْر لم يكن عندهم يومئذ خَمْر عِنَبٍ، وإنَّما كانوا يشربون خَمْر النَّبيذ، فكسروا دِنانَهُم وبادروا بالامتثال؛ لاعتقادهم بأنَّ كلَّ ذلك خَمْر. إلى آخر ما قال.

وجملةُ القول: أنَّ اسم الخَمْر المُحَرَّمة في الشريعة الإسلاميَّة يتناول كلَّ مُسْكِرٍ، إمَّا على سبيل الحقيقة اللُّغويَّة أو على سبيل الحقيقة الشرعيَّة، بأنْ يكون الشارع نَقَلَها من نوع خاصٍّ من الشَّراب المُسْكِر إلى مفهومٍ يتناول جميع أنواع الشَّراب المُسْكِر.

وعلى فَرْضِ أنَّ اسم الخَمْر لا يُطْلَقُ حقيقةً على كلِّ شَراب مُسْكِر؛ فالنصوص المستفيضة عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الصِّحاح والسُّنَن والمَسانِيد قاطعةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>