للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأنَّه -صلى الله عليه وسلم- حَرَّم كُلَّ مُسْكِر، ولولا خشية الإطالة لذكرنا هذه النصوص.

ومن شاء الاطِّلاع عليها فليرجع إلى كتب الأحاديث، أو باب الأشربة وحَدِّ الشَّراب، الجزء الرَّابع من (فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية)؛ فقد ذكر رحمه الله كثيراً من هذه الأحاديث، ثمَّ قال: «فمن اعتقد من العُلماء أنَّ النَّبيذ الذي رُخِّصَ فيه يكون مُسْكِراً -يعني من نبيذ العَسَل والقَمْح، ونحو ذلك- فقال: يُباح أنْ يتناول منه ما لم يُسْكِر فقد أخطأ.

وأمَّا جماهير العُلماء فعَرَفوا أنَّ الذي أباحه هو الذي لا يُسْكِرُ، وهذا القول هو الصحيح في النصِّ والقياس.

أمَّا النصُّ فالأحاديث كثيرة فيه.

وأمَّا القياس؛ فلأنَّ جميع الأشربة المُسْكِرَة متساوية في كونها تُسْكِر، والمفسدة الموجودة في هذا موجودةٌ في هذا، والله تعالى لا يُفَرِّق بين المتماثلين، والتَّسْوية بين هذا وهذا من العَدْل والقياس الجَلِيِّ، فتبيَّن أنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْر حَرَام. والحَشِيشة المُسْكِرَة حَرامٌ، ومن استحلَّ المُسْكِرَ منها فقد كَفَر» ا. هـ.

وجاء في (تفسير الألوسي) -عند قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية [البقرة: ٢١٩] بعد كلام- ما نَصُّه: «وعندي أنَّ الحقَّ الذي لا ينبغي العُدول عنه أنَّ الشراب المتَّخَذَ ممَّا عدا العِنَب كيف كان، وبأيِّ اسمٍ سُمِّي، متى كان بحيث يُسْكِرُ مَنْ لم يتعَوَّده حَرَام، وقليلُه ككثيره، ويُحدُّ شاربُه، ويَقَعُ طلاقُه، ونجاسته غليظة.

وفي (الصحيحين): أنَّه -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن النَّقيع -وهو نبيذ العَسَل- فقال: (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)، وروى أبو داود: (نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ ومُفتِّرٍ)، وصحَّ: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، وفي حديث آخر: (مَا أَسْكَرَ الفَرَقُ -مكيالٌ يسع ستة عشر رِطْلاً- مِنْهُ فَمِلْءُ الكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ)،

<<  <  ج: ص:  >  >>