للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأحاديث متضافرة على ذلك»، إلى آخر ما قال الأَلُوسِي. ...

وممَّا ذكرنا كلّه يتبيَّن جليًّا أنَّ الحقَّ أنَّ كلَّ مُسْكِرٍ حَرام، قليلُه وكثيرُه في ذلك سواء.

ومن هنا كانت الفتوى في مذهب أبي حنيفة على رأي محمَّد القائل بذلك.

عن المسألة الثانية: أنَّ حَدَّ شارب الخَمْر هو الجَلْدُ، ولكنَّ الفقهاء اختلفوا في مقداره؛ فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنَّه ثمانون جَلْدة.

وذهب الإمامُ الشافعيُّ إلى أنَّه أربعون جَلْدَة.

وعن الإمام أحمد روايتان؛ قال ابن قُدامة في (المُغْنِي) ما نصُّه: «وبهذا قال مالك والثوريُّ وأبو حنيفة ومن تبعهم؛ لإجماع الصحابة؛ فإنَّه رُوِي أنَّ عمرَ استشار الناس في حَدِّ الخَمْر، فقال عبد الرحمن بن عَوْف: (اجْعَلْهُ كَأَخَفِّ الحُدُودِ ثَمَانِينَ، فَضَرَبَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى خَالِدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بِالشَّامِ).

وروي أنَّ عَلِيًّا قال في المَشُورَة: (إِنَّهُ إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى؛ فَحُدُّوا حَدَّ المُفْتَرِي) روى ذلك الجوزجاني والدارقطني وغيرهما.

والرواية الثانية: أنَّ الحَدَّ أربعون، وهو اختيار أبي بَكْرٍ من الحنابلة، ومذهب الشافعي؛ لأنَّ عليًّا جَلَد الوليد بن [عقبة] أربعين، ثمَّ قال: (جَلَدَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّة، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ) رواه مسلم.

وعن أنسٍ قال: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الخَمْرَ فَضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ عُمَرُ فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فِي الحُدُودِ. فَقَالَ ابْنُ عَوْفٍ: أَقَلُّ الحُدُودِ ثَمَانُونَ؛ فَضَرَبَهُ عُمَرُ) متَّفق عليه. وفعل النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حُجَّةٌ لا يجوز تَرْكُه بفعل غيره، ولا ينعقدُ الإجماع على ما خالف فعل النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-

<<  <  ج: ص:  >  >>