للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ)، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث المتضافرة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد فصَّل العُلماء شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيَّنوا حدود ذلك.

وأحسن من كتب في هذا الموضوع -على ما رأينا- هو حُجَّة الإسلام الغزالي؛ (في الجزء الثاني من كتاب إحياء علوم الدين)، فقد أطال رحمه الله تعالى القول في ذلك، وشرح هذا الموضوع شرحاً وافياً. والذي يهمُّنا في الإجابة عن هذا السؤال هو ما ذكره من أنَّه إذا كانت المعصية راهنة وصاحبها مباشر لها؛ كلبسه الحرير، وإمساكه العود والخَمْر، فإبطال هذه المعصية واجبٌ بكُلِّ ما يمكن ما لم يؤدِّ إلى معصيةٍ أفْحَشَ منها أو مثلها، وذلك يثبتُ للآحاد والرَّعيَّة. فهذا صريح في أنَّ النهي عن المنكر إنَّما يكون إذا لم يترتَّب على هذا النهي مُنْكَرٌ أعظم من هذا المُنكر ومفسدةٌ أشدُّ من مفسدة فِعْل المُنكر. وهذا هو الذي ينبغي ألَّا يكون فيه خلاف.

وقد قال المحقِّق ابن القَيِّم في (أعلام الموقِّعين من الجزء الثالث) في مبحث تغيُّر الفتوى واختلافها بحسب تغيُّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيِّات والعوائد -بعد كلام- ما نَصُّه: «فإنكار المنكر أربع درجات:

الأولى: أن يزول ويخْلُفه ضدُّه.

الثانية: أن يَقِلَّ وإن لم يَزُلْ بجُملته.

الثالثة: أن يخْلُفه ما هو مثله.

الرابعة: أن يَخْلُفه ما هو شرٌّ منه.

فالدَّرجتان الأُولَيان مشروعتان، والثالثةُ موضع اجتهاد، والرَّابعة مُحرَّمة. اهـ.

وحينئذٍ لا يجوز الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر إذا ترتَّب على ذلك مَفْسَدَةٌ أشَدُّ وشَرٌّ أعظمُ من تَرْك المعروف وفِعْل المنكر».

ومن هذا يُعْلَم أنَّه إذا كان المسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>