فالزَّعفران والجَوْز الهِنْديُّ والأَفْيون ونحوها لاحِقَةٌ بالمُسْكِرات، إنْ صَحَّ قول من قال: إنَّها تُسْكِر ولو في حالٍ من الأحوال. وإنْ صَحَّ قول من قال: إنَّها مُفَتِّرةٌ؛ فهي أيضاً مُحرَّمةٌ لذلك؛ لما سَلَفَ؛ فهي مُشارِكَةٌ للمُسْكِر على أحد التَّقديرَيْن، وللمُفَتِّر على الآخر، وكُلُّ واحدٍ منهما يقتضي التحريم.
وإن لم يصحَّ فيها وَصْف الإِسْكار، ولا وَصْف التَّفْتير والتَّخْدير مُطلَقاً؛ فلا وَجْه للحُكْم بتحريمها. فمن أراد العثور على الحقيقة؛ فليسأل من له اختبارٌ عن التأثير الذي يحصل بالأمور المذكورة، وبعد ذلك يَحكُم على كُلِّ واحدٍ [منها] بما أودعناه في هذه الرسالة، وهذا إن لم يَكتَف بما نقلناه عن العُلماء في وصف تلك الأمور كما سَلَفَ.
وقد ثبت في الصَّحيح عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال:(الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، وَالمُؤْمِنُونَ وَقَّافُونَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ؛ فَمْنْ تَرَكَهَا فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ). وأقلُّ أحوال الجَوْز الهِنْديِّ وما ذُكِرَ معه أن يكون من الأمور المشتبهات، وثبت عنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنَّه قال:(دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ)، صحَّحه ابن حِبَّان والحاكم والتِّرمذيُّ.
وقد حَكَى في (شرح الأثمار) عن الإمام شرف الدِّين أنَّ الجَوْز الهِنْديَّ والزَّعفران ونحوهما يَحرُمُ الكثير منه لأَضرارِه، لا لكونه مُسْكِراً، وكذلك القُرَيط؛ وهو الأفيون. انتهى.
حُكْمُ القَاتِ عند المُؤَلِّفِ، وتَفْنيدُه لما قال ابنُ حَجَرٍ فيه
قال: وأمَّا القات فقد أَكَلْتُ منه أنواعاً مختلفةً وأكثرتُ منها، فلم أجد لذلك أثراً في تفتير، ولا تخديرٍ، ولا تغيير، وقد وقَعَتْ فيه أبحاثٌ طويلة بين جماعةٍ من عُلماء اليمن عند أوَّل ظهوره، وبلغت تلك المذاكرةُ إلى عُلماء مكَّة، وكتب ابن حجرٍ الهيتميُّ