للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في ذلك رسالةً طويلة سمَّاها (تحذيرُ الثِّقاتِ مِنْ أَكْلِ الكُفْتَةِ وَالقَاتِ)، ووقفتُ عليها في أيَّامٍ سابقةٍ، فوجدتُه تكلَّم فيها بكلام من لا يعرف ماهيَّةَ القات.

وبالجملة؛ أنَّه إذا كان بعض أنواعِه تبلغ إلى حدِّ السُّكْر أو التَّفْتير من الأنواع التي لا نعرفها، تَوجَّه الحُكْمُ بتحريم ذلك النوع بخصوصه، وهكذا إذا كان يَضُرُّ بعض الطِّباع من دون إسْكارٍ وتَفْتيرٍ؛ حَرُمَ لإِضْراره، وإلَّا فالأصلُ الحلُّ، كما يدلُّ على ذلك عمومات القرآن والسُّنَّة.

وأمَّا قولكم: وهل يجوز بيعه؟

فالظاهر من الأدلَّة تحريم بيع كُلِّ شيءٍ انحصرت منفعته في مُحَرَّم لا يُقصَدُ به إلَّا ذلكَ المُحَرَّم، أو لم ينحصر، ولكنَّه كان الغالب الانتفاع به في مُحرَّم، أو لم يكن الغالب ذلك، ولكنَّه وقع البيعُ لقصد الانتفاع به في أمرٍ مُحرَّم، فما كان على أحد هذه الثلاث الصور كان بيعه مُحرَّماً، وما كان خارجاً عنها كان بيعه حلالاً.

ومن أدلَّة الصورة الأُولَى: أحاديث النهي عن بيع الخَمْر والمَيْتَة والخِنزير؛ لأنَّ هذه الأمور لا يُنتَفَع بها إلَّا في مُحرَّم، ولا يُتصوَّر الانتفاع بها في أمرٍ حلالٍ. ومن هذا القبيل الحشيشة؛ فإنَّ منفعتها مُنْحَصِرَةٌ في الحَرام.

ومن أدلَّة الصورة الثانية: ما أخرجه التِّرمذيُّ من حديث أبي أُمامَة أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: (لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ وَالمُغَنِّيَاتِ، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ). ومن المعلوم أنَّ منفعة القَيْنَات لم تَنْحَصِر في الحَرام، ولكن لمَّا كان الغالب الانتفاع بهنَّ في الحَرام، جَعَلَ الشَّارع حُكمَهُنَّ في تحريم البيع حُكْمَ ما لا يُنتفعُ به في غير الحَرام، تنزيلًا للأكثر منزلة الكُلِّ. ومن هذا القبيل البَنْج والجَوْز الهِنْديُّ، وما [شابههما].

<<  <  ج: ص:  >  >>