للجسد، وكذلك يحصل من الإكثار والإدمان على المُسْكِر -حتَّى الخَمْر- خَدَرٌ يخرج إلى الرَّعْشَة والفالِج ويُبْس الدِّماغ ودوام التغيُّر للعَقْل، وغير ذلك من المضارِّ، لكنَّ القات لم يكن فيه من الطبع إلَّا ما هو مضرَّة دِينيَّة ودُنْيَويَّة؛ لأنَّ طَبْعَه اليُبْس والبَرْد، فلا يصحبه شيءٌ من الحرارة واللِّين، فلا يظهر الضرر فيها إلَّا مع الإدمان عليها، وهذا مُحصِّلٌ من الضرر في الأغلب ما في الأَفْيون من مَسْخ الخِلْقة، وتغيير الحال المُعتَدِلَة في الخَلْقِ والخُلُقِ، وهو يزيد في الضرر على الأَفْيون؛ حيث إنَّه لا نَفْع فيه يُعْلَمُ قَطُّ، وأنَّ ضرره أكثر، وفيه كثرة يُبْس الدِّماغ، والخروج عن الطَّبْع، وتقليل شهوة الغذاء [والباه]، ويُبْس الأَمْعاء والمَعِدَة وبردها، وغير ذلك.
ومنها: أنَّ جميع الخصال المذمومة التي ذكرها في الحشيشة موجودة في القات، مع زيادة حصول الضرر فيما به قِوامُ الصحَّة، وصلاح الجسد من إفساد شهوة الغذاء [والباه] والنسل، وزيادة التهالك عليه الموجب لإتلاف المال الكثير الموجب للسَّرف.
ومنها: أنَّه إن ظنَّ أنَّ فيه نفعاً فهو لا يقابل ضرره.
ومنها: أنَّه شارك كُلَّ المُسْكِرات في حقيقة الإسْكار وسببه؛ من التخدير، وإظهار الدم، وترقيقه ظاهر البشرة، مع نَبْذ الدُّسومة من الدِّماغ والجسد إلى الظاهر، وليس فيه حرارةٌ ولينٌ يبدلان ما نَبَذَه من الحرارة واللِّين إلى ظاهر الجسد، بخلاف الخَمْر والحشيش؛ فلهذا أكثر ضرراً.
إلى أن قال: وقال بعض مُدرِّسي الحنفيَّة: زُرْتُ بعض متصوِّفة اليمن بالمسجد الحرام، فأعطاني قليلاً من القات، وقال لي: تبرَّك بأَكْل هذا فإنَّه مُباركٌ. فأَكَلْتُ منه فوجدت فيه تخديراً، فذكرتُ له كلام من ينفي ذلك، فقال: إنَّ عندي معرفةً بالطبِّ، وبَدَنِي