فإذا حَرَّمها الأئمَّة مع اختلاف آكِلِيها، فليُحَرِّموا القات، ولا نظر للاختلاف في تأثيره. انتهى كلام ابن حجر رحمه الله. وقد استقصى صفات القات ووصَفَه بصفات المُسْكِر المُضِرِّ بالعَقْل والأديان والأبدان. وصرَّح في بعض عباراته بالمنع والنهي و [التحذير]، بل والتحريم، وجَبُنَ في موضع آخر عن إطلاق التحريم. فإمَّا أن يكون ذلك توقُّفاً منه وتأدُّباً؛ لعدم وقوفه على نصٍّ في ذلك، أو أنَّه قَوِيَ على القول بالتحريم بعد ذلك.
وقال الشيخ محمَّد بن سالم البَيْحاني في كتابه (إصلاح المجتمع) في الكلام على حديث ابن عمر أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ) رواه البخاري ومسلم؛ فقال بعد الكلام على هذا الحديث: وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعيَّة والفتَّاكة، وإلَّا يكونا من المُسْكِر؛ فضررهما قريب من ضرر الخَمْر والميسر؛ لما فيهما من ضياع المال، وذهاب الأوقات، والجناية على الصحَّة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة وكثير من الواجبات المهمَّة. إلى أن قال: ومعلوم من القات أنَّه يؤثِّر على الصحَّة البدنيَّة، ويُحطِّم الأضراس، ويُهيِّج الباسور، ويُفسِد المَعِدَة، ويُضعِف شهيَّة الأَكْل، ويُدِرُّ السَّلَاس؛ وهو الوَدْي، وربَّما أهلك الصُّلْب، وأَضْعَف المَنِيَّ، وأظهر الهُزَال، وسَبَّب القَبْض المُزْمِن، ومَرَض الكُلَا، وأولادُ صاحب القات غالباً يخرجون ضعاف البِنْية، صغار الأجسام، قِصَار القامَة، قليلاً دَمُهُم، مصابين بعدَّة أمراض خبيثة، وهذا مع ما يبذل أهله فيه من الأثمان الغالية المحتاج إليها، ولو أنَّهم صرفوها في الأغذية