ذكره إمام الحرمين فى البرهان ١/ ٦٠٨. قال: ومن ادعى أن جملة الأخبار التى استدل بها أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أحكام الوقائع رواها أعداد فقد باهت وعاند، وخالف ما المعلوم الضرورى بخلافه. ١/ ٦٠٩. وقد علل- رحمه الله- رد الجمهور اشتراط العدد أن هذا يؤدى إلى رد معظم الأحاديث إذا تطاولت العصور، وتناسخت الأزمان والدهور. (٢) وما ذكره القاضى هنا عن أبى حنيفة ليس مذهباً ولم يصرح به أبو حنيفة، وانما هو مفهوم عنه له من مسألة أخرى، هى أن الراوى إذا كان معلوماً إسلامه مجهولاً حاله من العدالة والفسق فإنه تقبل روايته؛ لأن الفسق سبب التثبت، فإذا انتفى السبب انتفى المسبب أخذاً بالظاهر. وهذا القول- كما ترى- ليس إسقاطاً لشرط العدالة عند أبى حنيفة، وغاية ما فيه عدم رد رواية مجهولها إذا تحقق له إسلامه، وله على ذلك أدلة: منها: أن مجهول الحال مع الإسلام ظاهر الصدق فى إخباره بكون اللحم مذكى، وطهارة الماء ونجاسته، ورق جاريته، وبأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لنا الظاهر " حيث دل على الحكم بكل ظاهر، لأن اللام تفيد العموم، فيندرج مجهول الحال تحته؛ لأن الظاهر من حال السلم العدالة. وقد عورضت تلك الأدلة بأن ما جاء فى قول الإمام بالتسوية بين الأخبار والرواية منتف، إذ الأول يقبل مع الفسق، فكذلك يقبل مع مجهول الحال، بخلاف الرواية فإنها لا تقبل مع الفسق، فكذلك لا تقبل مع الجهالة لحالته، ثم إن الرواية أعلى رتبة من الإخبار فيما ذكر من الصور، ولا يلزم من قبول إخبار مجهول الحال فيما هو أدنى رتبة قبوله فيما هو أعلى رتبة. وعما استدل به من الحديث أجيب بأنا لا نسلم أن الظاهر من حال المسلم العدالة، كيف وكونه مجهول الحال، يستوى العدالة والفسق فى الظهور وعدمه. بيان المختصر ١/ ٧٠٠. فغاية الأمر هنا أن ما ذكره القاضى ونسبه إلى الإمام أبى حنيفة لا يعدو أن يكون لازم مذهب، ولازم المذهب عند الأصوليين ليس بمذهب. (٣) الجهالة عد المحدثين نوعان: جهالة عين، وجهالة حال، ومدار جهالة العين ومعرفتها عند المحدثين على الرواة عن الراوى، فمن روى عنه واحدٌ فقط فهو مجهول العين، ومن روى عنه عدلان صار معروفاً وارتفعت جهالة عينه. تدريب الراوى ١/ ٣١٦. هذا هو تعريف جهالة العين عند جمهور المحدثين. وذهب الأحناف إلى أنه من لم يُعرف إلا بحديث أو حديثين، وجهلت عدالته سواء انفرد بالرواية عنه واحد، أم روى عنه اثنان فصاعداً قواعد فى عُلوم الحديث: ٢٠٧. =