للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمِيصَةً لهُ عَلى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: " لعْنَةُ اللهِ عَلى اليَهُودِ والنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ " يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا.

٢٣ - (٥٣٢) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - واللفْظُ لأَبِى بَكْرٍ - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ النجْرَانِىِّ؛ قَالَ: حَدَّثَنِى جنْدُبٌ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ، وَهُوَ يُقُولُ: " إِنِّى أَبْرَأُ إِلى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِى مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالى قَدِ اتَّخَذَنِى خَلِيلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً،

ــ

قال فى الحديث: " ولولا ذلك أبرز قبره - عليه السلام - غير أنه خشى أن يتخذ مسجداً ".

وقوله: " قاتل الله اليهود " معناه: لعن، كما جاء فى الرواية الأخرى، وقيل: معناه: قتلهم وأهلكهم وقد جاء فاعل بمعنى فَعَلَ فى ألفاظ كقولهم: طارقت النعل (١) وسافرت.

وقوله: " إنى (٢) أبرأ إلى الله أن يكون لى منكم خليل " أى أبعد عن هذا. وأنقطع عنه ولا أتصل به، والعلة لذلك ما نذكره [بعد] (٣). وقوله: " لو كنت متخذاً من أمتى خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ".

قال الإمام: قال ابن النحاس: الخليل المختص بشىء دون غيره، ولا يجوز أن يختص رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً بشىء من أمور الديانة دون غيره قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّك} الآية (٤). قال الإمام: وقيل: الخليل اشتق من الخَلَّةِ بفتح الحاء، وهى الحاجة. وقيل: من الخُلة بضمها وهى تخلل المودة فى القلب، وقيل، من الخُلَّة بالضم أيضًا، وهو نبت تستحليه الإبل. قال ابن قتيبة وغيره: الحمض ما ملح من النبت والخلة ما حلا منه، تقول العرب: الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها.

قال القاضى: وقيل: اشتق من الاستصفاء، وقيل: صفاء المودة، فنفى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تكون حاجته خلته إلى أحد من المخلوقين بل إلى ربه تعالى، كما قال فى الحديث


(١) جاء فى لسان العرب: طارق الرجل بين نعلين وثوبين لبس أحدهما على الآخر، وطارق نعلين خصف إحداهما فوق الأخرى.
(٢) فى الأصل: أنا، وهو خطأ.
(٣) ساقطة من ت.
(٤) المائدة: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>