للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ ".

أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بجَاهِليَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الكُهَّانَ. قَالَ: " فَلا تَأْتِهِمْ ". قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ: " ذَاكَ شَىْءٌ يَجِدُونَهُ فِى صُدُورِهِمْ، فَلا يَصُدَّنَّهُمْ - قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ: فَلا

ــ

قال الإمام: إن قيل: ما وجه إنكارهم عليه وقوله: " يرحمك الله " دعاء، والدعاء للغير جائز فى الصلاة؟ قيل: يحتمل أن يكون إنكارهم عليه؛ لأنه قصد مخاطبة الغير بذلك فكان كالمتكلم، وقد قال ابن شعبان وابن نصر الداودى [من أصحابنا] (١): إذا قال فى صلاته: " اللهم افعل بفلان "؛ جاز، وإن قال: " يا فلان، فعل الله بك " كان الكلام، وهذا نحو مما ذكرناه من أنه بالقصد يخرج إلى الكلام، وقد اختلف عندنا على قولين فى المصلى إذا تعايا من ليس معه فى صلاته فى قراءته فرد عليه المصلى، هل تفسد صلاته؟ فجعله فى أحد القولين بِردِّه عليه كالمتكلم، وإن كان إنما قرأ قرآناً، قال: ولم يذكر فى الحديث أمره بإعادة الصلاة لما وقع منه ذلك على جهة الجهل، وهذا حجةٌ على المخالف فى قوله: إن كان المتكلم ناسياً فى الصلاة تفسد صلاته؛ لأنه إذا لم يفسدها بالجهل فأحرى ألا يفسدها (٢) بالنسيان.

قال القاضى: الجهل فى هذا كالعمد عند مالك، إِلا ما حكاه الخطابى عن مالك: أنه يبنى فى الجهل كالنسيان هنا وهذا مذهب الشافعى والأوزاعى والشعبى، وليس تركه لذكر الإعادة دليلاً على أنه لم يأمر بها، ولا أن الصلاة أجزأته، ولا أنه لم يعدها، وبإفساد الصلاة بالكلام على أى وجه كان من سهوٍ أو [عمد] (٣) أو جهل، قال الكوفيون: وقد اختلف الناس فى تحميد العاطس فى الصلاة، فقيل: يحمد الله ويجهر به، وروى مثله عن ابن عمر والنخعى وأحمد، ومذهب مالك والشافعى أن يحمد ولكن يستحب له أن يكون فى نفسه.

وقوله: " إن مِنَّا رجالاً يأتون الكهان قال: فلا تأتهم " (٤)، قال الإمام: نهيه عن ذلك؛ لأنه يجرهم إلى تغيير الشرائع بما يلبسون عليهم، والكاهن يخبر عن غيب من طريق غير موثق به. ومعنى قوله - لما قال: ومنا رجال يتطيرون -: " ذلك شىء يجدونه فى صدورهم ": أى يجدون ذلك ضرورةً فلا ملام عليهم، ولكن إنما يكون اللوم على


(١) فى هامش ت.
(٢) فى ت: تفسُد.
(٣) فى ت: غفلة.
(٤) فى ت: تأتوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>