للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصُدَّنَّكُمْ - " قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ. قَالَ: " كَانَ نَبِىُّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ ". قَالَ: وَكَانَتْ لِى جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِى قِبَلَ أُحُدٍ وَالجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِى آدَمَ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّى صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلىَّ. قُلْتُ:

ــ

توقفكم عن إمضاء حوائجكم لأجل ذلك وهو المكتسب فنهاهم أن يصدهم ذلك عما أرادوا فعله.

وقوله حين قال: ومنا رجال يخطُّون (١): " كان نبى من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك ": أى أصاب، وقال ابن عباس فى تفسير هذا الحديث (٢): هو الخط الذى يخطه الحازى (٣) وهو علم قد تركه الناس. قال: يأتى صاحب الحاجة إلى الحازى فيعطيه حلواناً، فيقول: اقعد حتَّى أخط لك وبين يدى الحازى غلام معه ميل، ثم يأتى إلى أرض رخوة فيخط الأستاذ خطوطاً معجلةً لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين، فإن بقى خطان فهو علامة النجح وإن بقى خط فهو علامة الخيبة، والعرب تسميه: الأسحم وهو مشؤوم عندهم.

قال القاضى: وجدت فى المعلم فى هذا الموضع اختلالاً أصلحته من الأصول التى كان النقل فيه منها لا شك من الخطابى والهروى وحكى مكى فى تفسيره أنه روى أن هذا النبى كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى (٤) فى الرمل، ثم يزجر قال: وقوله: " فمن وافق خطه فذاك " يحتمل الزجر عن هذا إذ كان ذلك علماً لنبوته، وقد انقطعت فذهبنا عن التعاطى لذلك.

قال القاضى: الأظهر من اللفظ خلاف هذا، وتصويب خط من وافق خطه، وذلك الذى يجدون إصابته، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم، وعليه يدل ظاهر قول ابن عباس، ويحتمل أن هذا نُسخ فى شرعنا.

وقوله: " قبل أحد والجوانية " بفتح الجيم وشدّ الواو وتخفيف الياء ضبطنا الحرف عن الأسدى وعن الخشنى بتشديدها، كذا ذكرها أبو عبيد البكرى، قال: كأنها نسبت إلى جوان، والجوانية أرض من عمل الفُروع من جهة المدينة (٥).

وقوله: " آسف كما يأسفون ": أى أغضب كما يغضبون. قال الله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا} (٦)، وقال: {غَضْبَانَ أَسِفًا} (٧)، وصككتها: لطمتها.


(١) بعدها فى المطبوعة: قال.
(٢) فى ت: الخط.
(٣) الحازى: هو الذى ينظر فى الأعضاء وفى خيلان الوجه يتكهَّن ويقدر الأشياء بظنه. لسان العرب.
(٤) قيل: إنه إدريس - عليه السلام.
(٥) وإليها ينسب بنو الجوَّانىِّ العلويون. معجم البلدان.
(٦) الزخرف: ٥٥.
(٧) الأعراف: ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>