للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٢ - (...) حَدَّثَنَا حَرْمَلةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلى فِى خَمِيصَةٍ ذَاتِ أَعْلامٍ، فَنَظَرَ إِلى عَلمِهَا، فَلمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: " اذْهَبُوا بِهَذِهِ الخَمِيصَةِ إِلى أَبِى جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ، وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّهِ، فَإِنَّهَا أَلهَتْنِى آنِفًا فِى صَلاتِى ".

ــ

وفتحت الباء فى النسب؛ لأنه خرج مخرج مخبرانى (١)، وهو قول الأصمعى. قال الباجى: ما قاله ثعلب أظهر والنسب إلى منبج منبجى.

قال القاضى: النسب مسموع وقد شذ منه كثير عن القياس فلا ينكر ما قاله ابن قتيبة، وقد قال بعضهم: كانت أكسية تصنع بحلب فتحمل إلى جسر منبج (٢).

فيه جواز لباس الثياب ذوات الأعلام وإن كانت من حرير إن كان علمها كما تقدم، وسنذكره فى اللباس، وفيه التحفظ من كل ما يشغل فى الصلاة النظر إليه، ويستفاد من هذا كراهة التزويق والنقوش فى المساجد وأن يصلى المصلى إلى ما هذا سبيله، وإلى ما يشغل خاطره أو فيه قربة (٣)، وأن الشغل اليسير والذهول القليل عن الصلاة لا يبطلها، وكذلك الاستثبات فى الكتابة (٤) اليسيرة وتفهمها ما لم يكثر ذلك كله. وفيه قبول الهدايا من الأصحاب وجواز ردها لعلة، وجواز ذلك للواهب (٥)، وأنه ليس من باب الرجوع فى الصدقة. وطلب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنبجانيَّة أبى جهم (٦) تطييباً لنفسه لرد هديته عليه، وليعلم أنه لم يكن من أجل مجرد هديته، وفعل [مثل] (٧) هذا من استدعاء مال الغير جائز، ممن يعلم سروره بذلك وطيب نفسه به (٨). قال الإمام: وبعثه إلى أبى جهم فلعله علم منه أنه يبيحها له كما فعل.


(١) حسن المخبر.
(٢) بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء الموحدة وفى آخره جيم، بلدة من كور قنسرين بناها بعض الأكاسرة الذى غلب على الشام، وسماها منبه، وهى من ضواحى حلب الآن.
(٣) فى الأصل: أو قربة.
(٤) فى ت: الكلمة.
(٥) يعنى أن الواهب والمهدى إذا رُدَّت عليه عطية من غير أن يكون هو الذى يرجعُ فيها فإن له أن يقبلها، وأن ذلك خارج عن تحريم الرجوع فى الهدية والصدقة والذى سيرد إن شاء الله فى كتاب الهبات عن ابن عمر وابن عباس: " فإن مثل العائد فى الصدقة كمثل الكلب يعود فى قيئه ".
(٦) اسم أبى جهم عبيد بن حذيفة بن غانم القرشى العدوى، أسلم عام الفتح، وصحب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان مقدماً فى قريش معظماً، قال الزبير فيه: إنه كان أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ منهم علم النسب، وأحد الأربعة الذين دفنوا عثمان بن عفان وهم حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم.
الاستيعاب ٤/ ١٦٢٣.
(٧) ساقطة من ت.
(٨) قلت: أخرج ابن عبد البر فى الاستيعاب عن الزبير قال: حدثنى عمر بن أبى بكر المؤملى عن سعيد بن عبد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه عن جده قال: بلغنا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى بخميصتين سوداوين، فلبس إحداهما، وبعث الأخرى إلى أبى جهم بن حذيفة، ثم إنه أرسل إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>