للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ؛ قَال: سَأَلنِى إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: إِنِّى أَرَاكَ قَدْ كَلِفْتَ بِعِلْمِ القُرْآنِ، فَاقْرَأْ عَلىَّ سُورَةً، وَفَسِّرْ حَتَّى انْظُرَ فِيمَا عَلِمْتَ. قَال فَفَعَلتُ. فَقَالَ لِىَ: احْفَظْ عَلىَّ مَا أَقُول لَكَ، إِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ فِى الحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَلمَا حَمَلهَا أَحَدٌ إِلا ذَلَّ فِى نَفْسِهِ، وَكُذِّبَ فِى حَدِيثِهِ.

وَحَدّثَنِى أَبُو الطِّاهِرِ وَحَرْمَلةُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِى يُونسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بن عبد الله بْنِ عُتْبَةَ؛ أَنَّ عَبدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَال: مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لا تَبْلغُهُ عُقُولهُمْ، إِلا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً.

ــ

وذكر قول إياس بن معاوية: " إنى أراكَ كلفْتَ (١) بهدا العلم "، ورويناه من طريق الطبرى: " عَلِقْتَ " لكن وقع عند الخشنى عنه بضم اللام، وهو وهم، وصوابه كسر اللام فى الحرفين، ومعنى " كَلِفْتَ " أى: ولِعت به (٢). حكاه صاحب العين. قال ابن دريد: كلِفَ بالشىء أحبَّه، وهو معنى علقْتَ أيضاً، والعلاقة الحبُّ، قال صاحب الأفعال: علق الشىء بالشىء والحبّ بالقلب، وعلقت أفعل كذا، أى: أدمته، كله بكسر اللام.

وقوله: " إياك والشناعةَ فى الحديث " معناه: أن يأتى منه بما يُنكَرُ ويقبح (٣) الحديث عنه، يقال: شنَعتُ بالشىء، أى أنكرتُه- بكسر النون- وشَنُع الشىء- بضمها- قبُحَ وشَنَّعْتُ على الرجُلِ إذا ذكرت عنه قبيحاً (٤). حذَّره بهذا أن يُحدث بالأحاديث. المنكرة التى يشنع بها الحديث [وينكر ويقبح] (٥) على صاحبه فيُكذَّبُ ويُسْترابُ (٦) فتسقط منزلتُه، ويذل فى نفسه، كما قال فى آخر الخبر.


(١) فى نسخ الصحيح: قد كلفت.
(٢) فى اللسان: ويقال: كلِفْتُ بهذا الأمر، أى: أولِعتُ به، وفى الحديث: " اكلفوا من العمل ما تُطيقون "، قال: هو من كلِفْتُ بالأمرِ إذا أولِعْتُ به وأحببته.
(٣) فى الأصل: ويصح، وهو سبق قلم من الناسخ.
(٤) والشَّناعة الفظاعة- قاله فى اللسان، وقال: شَنُع الأمرُ أو الشىء شناعَة وشنَعْاً، وشُنْعًا، وشُنوعاً قَبُح، فهو شنيع، والاسم الشُّنْعَةُ، وأمر أشنع وشنيع: قبيح، وشَنَّعَ عليه تشنيعاً قبَّحه، وشَنع بالأمر شُنْعًا واستشنعه رآه شنيعاً، وتشنَّع القومُ قبح أمرُهم باختلافهم واضطراب رأيهم. قال: وقد استشنعَ بفلان جهله خفَّ. انتهى. قلتُ: فلا مانع من أن يكون المراد التحذير من الاستخفاف به أيضاً والفظاعة فى نقله وروايته.
(٥) فى الأصل رسمت هكذا: مما ولينكر ولقبحُ.
(٦) فى الأصل: ويستهزأ به، وما أثبتناه من ت، وهو الأليق بالسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>