للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله لمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، وَلا خِلافَتَهُ، وَلا الذِى بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ عَجِلَ بِى أَمْرٌ فَالخِلافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلاءِ السِّتَّةِ، الذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَإِنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَقْوَاماً يَطْعَنُونَ فِى هَذَا الأَمْرِ، أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِى هَذِهِ عَلى الإِسْلامِ، فَإِنْ فَعَلوُا ذَلِكَ فَأُولئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ، الكَفَرَةُ الضُّلالُ. ثُمَّ إِنِّى لَا أَدَعُ بَعْدِى شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِى مِنَ الكَلالةِ، مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى شىء مَا رَاجَعْتُهُ فِى الكَلالةِ، وَمَا أَغْلظَ لِى فِى شَىْءٍ مَا أَغْلظَ لِى فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِى صَدْرِى. فَقَالَ: " يَا عُمَرُ، أَلا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ التِى فِى آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟ "، وَإِنِّى إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ، يَقْضِى بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ، إِنِّى أُشْهِدُكَ عَلى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ، وَإِنِّى إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ عَليْهِمْ لِيَعْدِلوا عَليْهِمْ، وَليُعَلمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ، وَيَرْفَعُوا إِلىَّ مَا أَشْكَلَ عَليْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ. ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، تَأْكُلونَ شَجَرَتَيْنِ لا أَرَاهُمَا إِلا خَبِيثَتَيْنِ، هَذَا البَصَلَ وَالثُّوْمَ. لقَدْ رَأَيْتُ رسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِى المَسْجِدِ، أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلى البَقِيعِ فَمَنْ أَكَلهُمَا فَليُمِتْهُمَا طَبْخاً.

(...) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُليَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى

ــ

لم يذكروا فيه معداناً وهم منصور بن المعتمر وحصين بن عبد الرحمن وعمرو بن مرة (١)، وقتادة وإن كان ثقة فهو مدلس، ولم يذكر [فيه] (٢) سماعه من سالم، [فالأشبه أنه بلغه عن سالم] (٣) فرواه عنه.

وقوله فيه: " لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا وجد ريحهما من الرجل فى المسجد أمر به فأُخْرِجَ إلى البقيع ": دليل على إخراج من وجدت رائحتهما منه من المسجد، وإخراجه إلى البقيع، إبعاد له عن المسجد وزحا به، إذ حكمهما فى أذى المصلين فيها حكم المسجد.

وقوله: " فليمتهما طبخاً ": أى ليذهب رائحتهما وكسر قوة كل شىء إماتته، ومثله: قتلت الخمر إذا مزجته بالماء فكسرتها، ويدل أن النهى [من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٤) فى النىِّ؛ لأن الطبخ يذهب ريحها.

وقوله: " هذه الشجرة الخبيثة " هو مثل قوله فى الرواية الأخرى: " المنتنة "، والعرب تطلق الخبيث على كل مذموم ومكروه من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شخص.


(١) بعدها: ورواه عن منصور جرير بن عبد الحميد، ورواه عن حصين جماعة منهم أبو الأحوص، وجرير، وابن فضيل، وابن عيينة، ورواه عن عمرو بن مرة عمران البرجمى.
(٢) من التتبع.
(٣) لفظ الدارقطنى: فاشتبه أن يكون بلغه عنه.
(٤) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>