للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٣ - (...) وَحَدَّثَنَاهُ عَوْنُ بْنُ سَلامٍ الكُوفِىُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلىُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ: صَلى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَزِيدَ فِى الصَّلاةِ؟ قَالَ " وَمَا ذَاكَ؟ " قَالوا: صَليْتَ خَمْسًا. قَالَ: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلكُمْ، أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ". ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتِى السَّهْوِ.

ــ

له وإذلال، مأخوذ من الرغام وهو التراب، ومنه أرغم الله أنفه، والمعنى يشكرُ الله تعالى بها على جبر صلاته، وتلافى ما لبَّس عليه الشيطان فيها بكيده، ووسوسته والمبادرة إليها لرغم أنفه ورده خاسئاً عن مراده، وامتثال ما عصى هو اللهَ به من تركها حين أُمِر بها، فأبى ولقوله - عليه السلام -: " إذا سجد ابن آدم اعتزل الشيطان يبكى " (١) [الحديث] (٢)، وهذه كلها نهاية الإغاظة والإذلال له، والحمد لله رب العالمين، وقد تقدم تفسير ثَوَّب وَيَخْطُر، ويظل إنْ (٣) يدْرى، والكلام على بقية الحديث.

وقوله: فى حديث ابن بحينة أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد لترك الجلسة الوسطى، حجةٌ لنا أن الجلسة الوسطى، ليست بفرض ولا ركنٍ من أركان الصلاة؛ إذ لا تجبر الأركان بسجود السهو، وقد تقدم الكلام فى الجلوس، وليس فى الحديث نصٌّ يدل متى تنبه - عليه السلام - لسهوه، أقَبْل الركوع أم بعده؟ لكن قوله: قام من اثنتين فلم يجلس، دلَّ بمجىء فاء التعقيب بعد ذكره القيام أنه لم يرجع إلى الجلوس بعد التنبيه له، وقد جاء فى حديث المغيرة بن شعبة أنهم سبحوا به - عليه السلام - ولم ينصرف وتمادى فى الصلاة (٤)، ومثله فى حديث سعد بن أبى وقاص (٥) وفيها: " أنه اعتدل قائماً "، وقد اختلف العلماء فى


(١) سبق فى ك الإيمان، ب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، وأخرجه أحمد فى المسند ٢/ ٤٤٣، وابن ماجه فى ك إقامة الصلاة، ب سجود القرآن (١٠٥٢) جميعاً من حديث أبى هريرة.
(٢) ساقطة من ت.
(٣) إن فى الحديث نافية بمعنى (ما).
(٤) حديث المغيرة بن شعبة أخرجه الترمذى من طريقين: أحدهما صحيح، ولفظه: عن زياد بن علاقة قال: صلى بنا المغيرةُ بن شعبة، فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس، فسبَّح به من خلفَه، فأشار إليهم أن قومُوا، فلما فرَغ من صلاته سلم وسجدَ سجدتى السهو وسلم، وقال: هكذا صنع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم قال الترمذى: هذا حديث حسنٌ صحيح.
ومع هذا فإن الإمام ابن عبد البر رماه بالضعف فقال: وعارضوا حديث ابن بحينة بحديث المغيرة بن شعبة، وزعموا أنَّه أولى؛ لأن فيه زيادة التسليم والسجود بعده، وهذا ليس بشىء؛ لأن حديث ابن بحينة ثابتٌ بنقل الأئمة، وحديث المغيرة ضعيف الإسناد ليس مثله بحجة. الاستذكار ٤/ ٣٥٧.
(٥) أشار إليه الترمذى فى تخريجه لحديث المغيرة بإسناده الضعيف الذى فيه ابن أبى ليلى عن الشعبى. ثم قال: وفى الباب عن عقبة بن عامر، وسعد، وعبد الله بن بحينة، وقد تكلم بعض أهل العلم فى ابن أبى ليلى من قبل حفظه، فقال أحمد: لا يحتج بحديث ابن أبى ليلى، وقال محمد بن إسماعيل: ابن أبى ليلى هو صدوق. ولا أروى عنه؛ لأنه لا يدرى صحيح حديثه من سقيمه. ٢/ ١٩٩.
قلت: وهذا هو الطريق الذى عناه ابن عبد البر آنفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>