للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذ لمْ يَكُنْ يُكْذَبُ عَليْهِ، فَلمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلول، تَرَكْنَا الحَدِيثَ عَنْهُ.

وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَال: إِنَّمَا كُنَّا نَحْفَظُ الحَدِيثَ، وَالحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَمَّا إِذْ رَكِبْتُمْ كُلَّ صَعْبٍ وَذَلولٍ، فَهَيْهَاتَ.

وَحَدَّثَنِى أَبُو أَيُّوبَ سُليْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الغَيْلانِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ - يَعْنِى العَقَدِىَّ - حَدَّثَنَا رَبَاحٌ عَنْ قَيْسِ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: جَاء بُشَيْرٌ العَدَوِىُّ إِلى ابْنِ عَبَّاسٍ.

فَجَعَل يُحَدِّثُ وَيَقُول: قَال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَعَل ابْنُ عَبَّاسٍ لا يَأذَنُ لِحَدِيثِهِ وَلا يَنْظُرُ إِليْهِ. فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَالى لا أَرَاكَ تَسْمَعُ لِحَدِيثِى؟ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلا تَسْمَعُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلاً يَقُول: قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا، وَأَصْغَيْنَا إِليْهِ بِآذَانِنَا، فَلمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلول، لَمْ نَأْخُذْ مِنَ النَّاسِ إِلا مَا نَعْرِفُ.

ــ

والأمر والنهى والوعد والوعيد، وكل شىء جمعته فقد قرأتَه (١).

وقوله: " يوشك ": أى (٢) يقرُب ويسرع، والوَشك السرعةُ بالفتح، وحكى بعضُهم الكسر، وأنكره الأصمعى.

وذكر قول ابن عباس: " فلما رَكب الناس الصعبَ والذلول " وقوله [أيضاً] (٣): " ركبتم كل صعب وذلول فهيهات .. " هذا مثل، وأصله فى الإبل، أى: سلكوا كل مسلك من الحديث مما تُحمَدُ وترضى سلوكه. كالذلول من الإبل المستحسن الركوب، ومما ينكر ويشق سلوكه كالصعب منها.

ومعنى " هيهات ": أى ما أبعد استقامة أمركم، أو فما أبعد أن نثق بحديثكم (٤) ونسمع منكم ونُعول على روايتكم، يقال (٥): هيهاه، بالهاء أيضاً، وهذه الكلمةُ موضوعة للإبعاد للطلب واليأس منه، ومن الناس من يكسر تاءها فى الوصل ويقف عليها بالتاء، ومن فتحها وقف عليها [ها] (٦)، قال الله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا


(١) ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أى: جمعه وقراءته، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه} [القيامة: ١٧، ١٨] أى: قراءته. قال ابن عباس- رضى الله عنهما-: " فإذا بيناه لك بالقراءة فاعمل بما بيناه لك ".
تفسير القرآن العظيم ٨/ ٣٠٣.
(٢) فى المخطوطة: أن، والصواب ما أثبتناه.
(٣) ساقطة من ت.
(٤) فى الأصل: حديثكم.
(٥) فى الأصل: ويقال.
(٦) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>