للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَان يُصَلى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِى حُجْرَتِهَا، قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ.

(...) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِى حُجْرَتِى، لَمْ يَفِئِ الْفَىْءُ بَعْدُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَظْهَرِ الْفَىْءُ بَعْدُ.

ــ

مسعود على المغيرة لصلاة جبريل، ولو كانا فى وقتين لاحتجَّا عليهما بتأخيرها فى اليوم الثانى وقد يُرَد على هذا بأن التأخير كان عن الوقت المختار على ما تأوله بعضهم وقد جاء من طريق ابن شهاب وغيره: أنَّ الناس صلوا خلف النبى - عليه الصلاة والسلام - بصلاة جبريل، وفى مصنف أبى داود وغيره عن ابن عباس عنه - عليه السلام -: " أتانى جبريل فصلى بى عند البيت مرتين " (١) وذكر حديث الوقتين.

وقوله: " كان يصلى العصر والشمس فى حجرتها قبل أن تظهَر "، قال الإمام: فيه حجةٌ على عمر؛ لأن فيه دليلاً (٢) على تعجيل العصر، وهى الصلاة التى وجده قد أخرها، وإنما كان فيه دليل على التعجيل من جهة أن [الحجة] إذا كانت ضيقة أسرع ارتفاع الشمس منها ولم تكن موجودةً فيها إِلا والشمس مرتفعةٌ فى الأفق. (*) كذا قال الهروى.

وقوله: " لم تظهر ": أى لم تعلو السطح، ومنه قوله تعالى: {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُون} (٣)، ومنه الحديث الآخر: " لا يزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق " (٤): أى عالين. قال الجعدى:

بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنَّا لنبغى فوق ذلك مظهرا

أى [علواً] (٥).

قال القاضى: قيل: تظهر على الجدر، وقيل: يرتفع ظلها عن الحجرة، وقيل: تظهر بمعنى تزول عنها كما قيل:

وتلك شكاة ظاهر عنك عارُها

وكله راجع إلى معنى وهو مفسر فى الأم فى قوله: " والشمس واقعة فى حجرتى " وفى رواية: " طالعة لم يظهر الفىء بعد "، وفى رواية: " [لم ترتفع من حجرتها] (٦) "


(١) ك الصلاة، ب فى المواقيت (٣٩٣)، وكذا الترمذى فى أبواب الصلاة، ب ما جاء فى مواقيت الصلاة (١٤٩)، أحمد فى المسند ١/ ٣٣٣.
(٢) فى ت: دليل.
(٣) الزخرف: ٣٣.
(٤) سيأتى إن شاء الله فى كتاب الإمارة، وقد أخرجه البخارى، ك الاعتصام، ب قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق، وهم أهل العلم " (٧٣١١).
(٥) ساقطة من ق.
(٦) الذى فى المطبوعة: لم يظهر الفىء فى حُجرتها.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: في المعلم للإمام المازري (١/ ٤٢٧):
وقوله في هذا الحديث: "ولَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائشةُ - رضي الله عنها - ... قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ" حجّة له على عمر رحمه الله لأن فيه دليلاً على تعجيل العصر وهى الصلاة التى وجده قد أخرها. وإنما كان فيه دليل على التعجيل من جهة أن [الحجرة] إذا كانت ضيقة أسرع ارتفاع الشمس منها ولم تكن موجودةً فيها إِلا والشمس مرتفعةٌ فى الأفق جدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>