للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رواية عنه - " عندما ذهب ثلث الليل "، ومثله فى حديث أبى موسى: " حتى كان ثلث الليل "، وفى حديث جبريل: " حين ذهبت ساعة من الليل "، وفى رواية ابن عباس: " إلى ثلث الليل "، وفى حديث أبى برزة بعد هذا: " إلى نصف الليل أو ثلثه "، وقال مرة: " إلى نصف الليل " ومرة: " إلى ثلث الليل "، وفى حديث أنس بعد هذا: " شطره "، وفى حديث ابن عمر: " حين ذهب ثلثه ". واختلف فى الحديث عن جابر فى غير الأم، فقيل: " إلى شطره "، وقيل: " إلى ثلثه " وجاء فى الأم بعد هذا عنه: " إذا اجتمعوا عجّلَ، وإذا أبطؤوا أخَّرَ "، واختلف العلماء بحسب هذا، وبالثلث قال مالك والشافعى: آخراً، وبالنصف - أيضاً - قال أصحاب الرأى وأصحاب الحديث والشافعى أولاً وابن حبيب من أصحابنا، وعن النخعى الربع، وهو نحو من قوله فى الحديث بعد: " ساعة من الليل "، وقيل: وقتها إلى طلوع الفجر، وهو قول داود، وهذا عند مالك وقت الضرورة لها.

واختلف فى وقت الوجوب وتعيين الخطاب على المصلى فى أوقات هذه الصلوات: فمذهب المالكية: أن الوجوب يتعلق بأول الوقت، وأن الجميع وقتٌ موسع للوجوب. وحكى ابن القصار هذا عن الشافعى، واختار بعض أصحابنا أن وقت الوجوب فيه متعين، وإنما يعينه المكلَّف بفعله، وذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز التأخير عن أول الوقت إِلا ببدلٍ وهو العزم، وأجاز غيره تركها لغير بدل لتوسعة وقتها إلى أن يبقى من الوقت مقدار ما يفعل فيه فيتعين. وذهب الشافعى إلى [أن] (١) وقت الوجوب أوله، وإنما ضرب آخره فصلاً بين الأداء والقضاء. ويعارض هؤلاء بأن التأثيم متعلق بترك الواجب، ولا يؤثمُ أحدٌ تارك [الصلاة] (٢) لأول الوقت. وذهب الحنفية إلى أن الوجوب متعلق بآخِرِهِ، ويعارَض هؤلاء بالإجماع على جواز الصلاة لأول الوقت وسقوطها عمن صلاها حينئذ، ولو كانت لم تجب بعد لم تجز كما لا تجزئ قبل الوقت، واضطربت أقوالهم فى صلاته قبل آخر الوقت، هل هى نفل أو فرض يترقب ببقاء المكلف إلى آخر الوقت؟ وفعل المسلمين بالمبادرة إلى أوائل الأوقات يبطل قولهم.

وقوله: " ما لم يسقط نور الشفق ": قال الخطابى: هو ثوران حمرته واندفاعها، ويروى فور بالفاء فى غير الأم، وهو بمعناه، أى سطوعه وظهوره، من فار الماء إذا اندفع وظهر، وقد تقدم اختلاف الفقهاء فى الشفق، وكذلك اختلف فيه السلف وأهل اللغة، من قائل: الحمرة، وقائل: البياض. وقال مالك فيه بالقولين، وقال: البياض أبين على جهة الاحتياط، ومشهور قوله: الحمرة، وهو قول الشافعى وفقهاء أصحاب الحديث وأهل الكوفة، وغيرهم إِلا أبا حنيفة والأوزاعى، وقال بعض أهل اللغة: إنه ينطلق على البياض وعلى الحمرة، وحكى الخطابى: أنه إنما ينطلق فى أحمر ليس بقانى وأبيض ليس بناصع.


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من ت.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>