للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَاَدَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: " بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ " وَلَمْ يَشُكَّ.

ــ

ثلاثه، فهى المغرب التى قال، وإن راعينا (١) الأوسط من الأزمان كان الأبين [أن الصحيح أحد القولين إما الصبح أو العصر، فأما الصبح فإنا إذا قلنا] (٢): إن ما بين الفجر إلى طلوع الشمس ليس من النهار ولا من الليل كانت هى الوسطى؛ لأن الظهر والعصر من النهار قطعًا، والمغرب والعشاء من الليل قطعًا، وبقى وقت الصبح مشتركًا، فهو وسط بين الوقتين.

وعلى القول بأن ذلك الزمان من النهار يكون الأظهر أن الوسطى العصر؛ لأن الصبح والظهر سابقتان للعصر والمغرب والعشاء متأخران عن العصر، فهى إذاً وسط بينهما، وقد احتج أصحابنا للقول بأنها الصبح بالمشقة اللاحقة إتيانها، وأنه زمن يصعب على الإنسان القيام فيه من النوم فى الشتاء بالدِّثار، والصيف من طيب الهواء، وقال من ذهب إلى أنها العصر: فإنها كانت أيضاً تأتى فى وقت أسواقهم واشتغالهم بمعايشهم، وكان إتيانها أيضًا يشق عليهم، وكذا أمرها لئلا يشتغل عنها، وقد نبه الله سبحانه على أن البيع من أعظم ما يشغل عن الصلاة فقال جل وعز: {وَذَرُوا الْبَيْع} (٣)، واحتجوا أيضًا لكونها العصر بالحديث [المبدوء به] (٤) وهو قوله - عليه السلام -: " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس "، وهذا يدل أنها العصر.

فإن قيل: ففى الكتاب فى حديث شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال: نزلت هذا الآية: " حافظوا على الصلوات وصلاة العصر " فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله عز وجل، فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}، فقال رجل: هى إذن صلاة العصرِ، فقال له البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله سبحانه والله أعلم. فهذا القول قد أخبر فيه بنسخ أنها العصر، فإنما يحتمل أن يكون إنما نسخ النطق بلفظة العصر، ألا ترى إشارة البراء إلى الاحتمال قوله: " والله أعلم "، ويؤيد ما قلناه - من أن أرجح الأقوال قول من زعم أنها الصبح أو العصر - قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحديث الآخر: " من صلى البَرْدَين دخل الجنة " (٥) قيل: المراد بهما الصبح والعصر قال يعقوب: البردان الغذاة والعشى، وهما الأبردان والقرتان، والكرَّتان والعَصْران، والصَّرعان، والرِدفان والفيتَّان (٦).

قال القاضى: القرتان بفتح القاف كذا ضبطنا هذا فى كتاب يعقوب عن مشايخنا فى هذا الباب وزاد البردان أيضًا، وسُمِّيا بذلك لبرد هوائهما، بخلاف ما بينهما من النهار،


(١) زيد بعدها فى ت: فيها العدد أدى.
(٢) مستدركة فى هامش ت.
(٣) الجمعة: ٩.
(٤) فى ت: المبدَّأ به.
(٥) سيأتى فى الباب القادم برقم (٢١٥).
(٦) فى ت: والفتيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>