وقد أخرج عبد الرزاق من حديث إبراهيم قال: كانوا إذا أذن المؤذن بليل، أتوه فقالوا له اتق الله، وأعد أذانك. قال أبو عمر: واحتجوا - أيضاً - بما رواه شريك عن محلل عن إبراهيم قال: شيعنا علقمة إلى مكة فخرج بليل، فسمع مؤذناً يؤذن بليل، فقال: أما هذا فقد خالف أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لو كان نائماً كان خيراً له، فإذا طلع الفجر أذن. قال: ومحلل ليس بالقوى. قال: واحتجوا - أيضاً - بما رواه عبد العزيز بن أبى روّاد عن نافع عن مؤذن لعمر يقال له: " مسروح "، أذن الصبح، فأمره عمر أن يرجع ينادى: ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام. قال: وهذا إسناد غير متصل؛ لأن نافعاً لم يلق عمر، ولكن الدراوردى وحماد بن زيد قد رويا هذا الخبر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله، إلا أن الدراوردى قال: يقال له: " مسعود "، وهذا هو الصحيح - والله أعلم - أن عمر قال ذلك لمؤذنه، لا ما ذكر أيوب أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله لبلال. وإذا كان حديث ابن عمر عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيحاً - قوله: " إن بلالاً يؤذن بليل " - فلا حجة فى قول أحد مع السنة، ولو لم يجز الأذان قبل الفجر لنهى رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً عن ذلك، ونحن لا نعلم أن عمر قال ما روى عنه فى هذا الباب إلا بخبر واحد عن واحد. وكذلك خبر ابن عمر عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالمصير إلى المسند أولى من طريق الحجّة، والذى أحبه أن يكون مؤذِّن آخر بعد الفجر. التمهيد ١٠/ ٦٠. (١) فى س: أبى حنيفة. (٢) جاء فى بدائع الصنائع: وقت الأذان والإقامة ما هو وقت الصلوات المكتوبات، حتى لو أذن قبل دخول الوقت لا يجزئه ويعيده إذا دخل الوقت فى الصلوات كلها فى قول أبى حنيفة ومحمد، وقد قال أبو يوسف أخيراً: لا بأس بأن يؤذن للفجر فى النصف الأخير من الليل، وهو قول الشافعى ١/ ٤٢١، ولأبى حنيفة - إضافة لما سبق - أن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت، والإعلام بالدخول قبل الدخول كذب، وكذا - هو من باب الخيانة فى الأمانة، والمؤذن مؤتمن على لسان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قبل السابق.