للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شىء، وذهب بعض شيوخنا إلى تخريج الوتر بثلاث على المذهب من قوله فى المدونة من عمل أهل المدينة فى قيام رمضان: " يوترون منها بثلاث "، ومن قوله: " هذا الذى أدركت الناس عليه "، وهذا لا حجة فيه؛ لأنه لم يحكه مالك عن نفسه، بل ذكر عن فعل الأمراء.

وقوله: " هذا الذى أدركت الناس عليه " من عدد القيام، لأنه هو الذى أخبر أن الأمير سأله عنه لا عن الوتر، وقد قال: " فإذا جاء الوتر انصرفت " إذا لم يكن مذهبه صلاته معهم [ثلاثاً] (١) بغير تسليم، وقد تأول ما وقع من فعل عمر وغيره فى الوتر بثلاث أنه مراعاة للخلاف فى عدد الوتر وليؤتى بالأكمل. وقيل: لعله لم ينصرف إلى منزله فشفع قبل وتره. وقال [ابن حبيب] (٢) إنما فعل هذا الأمراء وتركوا الفضل لئلا ينفض الناس عند تمام الشفع دون وتر، فجرسوا (٣) عليهم آخر شفع بأن وصلوه بالوتر لذلك، وليس يعرف هذا من قول مالك (٤)، لكنه مذهب أبى حنيفة. وقال ابن نافع: إذا صلى شفعاً قبل وتره فلا يسلم منه ولا يفصل بينهما وليأت بها كصلاة المغرب، وكذلك فعل عمر ابن عبد العزيز، وذكر أنها مذهب الفقهاء السبعة. ومذهب أهل المدينة أن الوتر ثلاث لا فصل بينهن، وقال الأوزاعى: إن فعل فحسنٌ، وإن صلى فحَسنٌ، ولم يذكر مسلم ولا أصحاب الصحيح ما يقرأ فى الوتر والركعتين قبله، وذكر أصحاب المصنفات (٥) فى ذلك قراءته - عليه السلام - فى الشفع {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفى الوتر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين، وبه أخذ الشافعى وأصحابه، وروى عن مالك، واستحبه أكثر أصحابه، وأخذ به مالك فى ركعة الوتر فى المشهور عنه، وفى حديث آخر: أن القراءة فى الوتر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقط، وفى الشفع ما تقدم، وبه قال الثورى، وأحمد، وأصحاب الرأى، قال الترمذى: وهو اختيار أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم، وروى - أيضاً - قراءته فى الشفع والوتر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فى كل ركعة، ويزيد فى الوتر المعوذتين، واختاره أبو مصعب من أصحابنا وغيره.


= الله بن نافع مولى ابن عمر، وعنه قتيبة، وابن نمير، وسلمة بن شبيب وغيرهم. قال فيه أحمد: كان ضعيفاً، وقال أبو حاتم: ليس بالحافظ، وكتابه أصح. مات سنة ست ومائتين. تهذيب التهذيب ٦/ ٥١.
(١) فى ع: وحديث.
(٢) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٣) يعنى: جرَّبوا.
(٤) جاء فى المدونة: قال مالك: والوتر آخر الليل أحبُّ إلىَّ لمن قوى عليه. فقلت - أى سحنون - لمالك: أفيُسلم الإمام من ركعتين فى الوتر؟ قال: نعم هو الشأن. قلت له: فإن صليتُ معهم؟ قال: لا تخالفه، إن سلم فسلم، وإلا فلا تُسَلِّم. قال مالك: ولقد كلنت أنا أصلي معهم مرة فإذا جاء الوتر انصرفتُ، فلم أوتر معهم ١/ ٢٢٥.
(٥) أبو داود، ك الوتر، ب ما يقرأ فى الوتر (١٤٢٣)، والترمذى، ك الصلاة، ب ما جاء فيما يقرأ به فى الوتر (٤٦٢، ٤٦٣)، وابن ماجة، ك إقامة الصلاة، ب ما جاء فيما يقرأ فى الوتر (١١٧١، ١١٧٢، ٢١٧٣)، وأحمد فى المسند ٣/ ٤٠٦، ٤٠٧، ٥/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>