للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أعاد الوضوء، وكما قال فى الرواية الأخرى فعل ذلك ثلاث مرات كل ذلك يستاك ويتوضأ، أو يكون أراد الوضوء الأول قبل نومه على ما جاء فى الرواية الأخرى من حديث سفيان عن سلمة من قوله: " فقام فأتى حاجته - أى من الحدث - ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام "، فهذا القيام للحدث لا للصلاة، وغسله وجهه ويديه تنظفاً ولنفى الكسل، فلعل الراوى اختلط عليه ما جاء فى الحديث الآخر " وضوءاً بين الوضوءين "، فوضعه هذا الموضع (١) أو عبر به عنه.

وقوله: " فقمتُ فتمطيت كراهية أن يرى أنى كنت أنتبه له " فيه ما كان عليه - رضى الله عنه - وأمثاله من الحرص على الخير وتعلم العلم، والاقتداء به - عليه السلام - والاقتباس منه، وحفظ أفعاله وأقواله من صغره، وحسن الأدب معه، والحياء منه لكونه بقربه، وهو مع أهله، وقد روى فى هذا أن العباس أرسله لذلك. وتقدم إليه ألا ينام حتى يحفظ فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى صلاته، واختلف فى ضبط هذه اللفظة، فقال هنا: " إنى كنت أنتبه لها وفى كتاب البخارى:" أبقيه " كذا عند الأصيلى وابن السكن والقابسى (٢)، ومعناه: أرقيه، فقال: بقيت الشىء أبقيه ببصرى إذا نظرت إليه.

قال الشاعر:

ومازلت أبْقِى الظُّعْنَ حتى كأنها ... أواقِى سَدىً تغتالُهُنَّ الحوائكُ

ويقال: بقوت أيضاً، وقد جاءت هذه اللفظة بمثله فى كتاب مسلم فى الحديث الآخر كما سنبينه بعد هذا، وروى البرقانى هذه الكلمة: " أرتقيه " نحو رواية القابسى عن البخارى (٣)، وهو معنى أبقيه، وهذه الألفاظ أبين من قوله: " أنتبه "، ويشبه أن أنتبه تصحيف وتغيير، والله أعلم (٤).

وقوله: " فتوضأت فقمت عن يساره، فأدارنى عن يمينه ": فسر هذه الإدارة فى حديث محمد بن حاتم بقوله: " فأخذ بيدى من وراء ظهره يعدلنى كذلك إلى الشق الأيمن (٥) وهى سنة مقام المنفرد مع إمامه وإن كان صغيراً، وحكم مناولة ما يحتاج عند المصلى أو يضطر هو إليه، وفيه جواز العمل القليل فى الصلاة واحتج به أصحابنا فى جواز صحة


(١) يقصد القاضى أن " وضوءاً بين الوضوءين " هو من رواية سلمة بن كهيل عن أبى رشدين عن ابن عباس، لا من رواية سلمة بن كهيل عن كريب.
(٢) وكذا لأحمد فى المسند من حديث سلمة بن كهيل أيضاً ٣/ ٢٨٣.
قال فى اللسان: يقول: شبِّهتِ الأظعانُ فى تباعُدِها عن عينى ودخولها فى السراب بالغَزل الذى تُسديه الحائكةُ فيتناقض أوَّلاً فأوَّلاً. قال وبقيتُه: أى نظرت إليه وترقبته، وبقية الله: انتظار ثوابه.
(٣) البخارى فى صحيحه، ك الدعوات، ب الدعاء إذا انتبه من الليل ٨/ ٨٦.
(٤) قلت: ولا يستقيم مع قوله: (له) بعد أنتبه.
(٥) ولفظه فى المطبوعة: فأخذ بيدى من وراء ظهره يعدلنى كذلك من وراه ظهره إلى الشق الأيمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>