للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأسِى، وَأَخَذَ بِأُذنِى اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى

ــ

صلاة المأموم لمن لم ينو أن يأتم به، وهو قول مالك والشافعى وجماعة من العلماء، خلافاً لإسحاق وأحمد والثورى وأحد قولى الشافعى فى منعهم ذلك على الجملة ولغيرهم فى منعه لغير الإمام والمؤذن الداعى إلى الصلاة ولأبى حنيفة فى منعه ذلك للنساء دون الرجال، وقد ينفصل المخالف بأن فى الحديث: " فأيقظنى " وفى رواية: " فحركنى " يعنى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحين أيقظه للصلاة معه فى كلتيها النية للائتمام به. وفيه صحة صلاة من يعقل من الصبيان، وأنه مما يحضون عليه ويُرغَّبُون فيه (١) لإقرار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له، ولإيقاظه إياه لذلك على ما جاء فى الرواية [الأخرى] (٢).

وقوله: " فأخذ بأذنى [اليمنى] (٣) يفتلها "، قال الإمام: قيل وجهه أنه أراد أن يذكر القصة بعد ذلك لصغر سنه، وقيل: لينفى عنه النوم (٤) لما أعجبه قيامُه معه، وقيل: فى فتل الأذن تنبيه للفهم، وفى بعض طرق حديثه (٥): " فكنت إذا أغفيت يأخذ شحمة أذنى " [يفتلها] (٦)، فقد تبين بهذا [الحديث] (٧) أنه إنما فعله لينبهه من النوم.

قال القاضى: وفى قوله: " فمسح النوم عن وجهه، وقرأ العشر الآيات من خواتم سورة آل عمران " (٨): دليل على جواز قراءة القرآن ظاهراً على غير وضوء وهذا لا خلاف فيه.

وقوله: " صلى ركعتين ثم ركعتين ": الحديث ظاهره فصله بين كل ركعتين، بدليل الأحاديث الأخر. وفى قوله فى رواية واصل بن عبد الأعلى بعده: " فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، ثم أوتر بثلاث "، وقد جاء فى غير هدا الطريق من أكثر الروايات " أن صلاته كانت معه ثلاث عشرة ركعة "، وفى حديث ابن رافع: " إحدى عشرة ركعة "، وفى حديث مالك: " فصلى ركعتين ثم ركعتين وعدّ ستاً، ثم أوتر " وهذا يدل أن وتره واحدة ويحتمل أنه لم يعد فى هذه الركعتين الأوليين على ما بين فى حديث زيد بن خالد (٩)، فيكون العدد بهما ثلاث عشرة، وبترك حسابهما إحدى عشرة، وعليه - إن شاء الله - يحمل حديث واصل الذى ذكر فيه أنه صلى ركعتين وذكر من طولهما، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، تحمل على غير الركعتين الأوليين فيكون العدد ثمانياً، ثم الوتر ثلاث، فهذه


(١) فى الأصل: فيها، والمثبت من س.
(٢) من س.
(٣) ساقطة من ع.
(٤) فى الأصل: العين، والمثبت من س.
(٥) فى الأصل: محدثيه، والمثبت من س.
(٦) ساقطة من ع.
(٧) من س.
(٨) ولفظها فى المطبوعة: فجعل يمسحُ النومَ عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران. حديث يحيى بن يحيى.
(٩) روأية قتيبة بن سعيد الآنفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>