للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيذ. فَقَالَ: كَذَبَ. أَنَا سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُول: يُجْلدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذ.

وَحَدَّثَنِى حَجَّاج، حَدَّثَنَا سُليْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال سَمِعْتُ سَلامَ بْنَ أَبِى مُطِيعٍ يَقُول: بَلغَ أَيُّوبَ أَنِّى آتِى عَمْرًا، فَأَقْبَل عَلىَّ يَوْمًا فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً لا تَأمَنُهُ عَلى دِينِهِ، كَيْفَ تَأمَنُهُ عَلى الحَدِيثِ؟

وَحَدَّثَنِى سَلمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ قَبْل أَنْ يُحْدِثَ.

ــ

إذا سكر حُدَّ، وأن كل مسكر لشدته المطربة حرام، كان خمراً أو غيره، وأما إن شرب من الشراب المختلف فيه ولم يُسكر فمن يبيح شربَه لا يُحِدُّه (١) ومن يمنعه يُحِدُّه، وهو مالك والشافعى، وتأول بعضهم قول مالك أنه فى غير المجتهد، وأما المجتهد الذى يرى إباحته فلا يُحدُّه، لأنه قد ناظر فى المسألة جماعة من الأئمة الذين كانوا يشربونه ولم يأمر بحدّهم، وقد كانت الأمور تجري بأمره وعلى رأيه، ونص الشافعى على حدّ المجتهد وقال: أحُدُّه ولا أردُّ شهادتَه (٢).


(١) القائلون بهذا هم الأحناف، وهذه مسألة تفتقر إلى بسط، حتى لا يفهم عنهم ما لم يقصدوه.
جاء فى بدائع الصنائع عند بيان أسماء الأشربة المعروفة المسكرة وبيان معانيها وأحكامها وحدّ الإسكار: " أما السكر والفضيخ ونقيع الزبيب فيحرم شرب قليلها وكثيرها، لما روى عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الخمر من هاتين الشجرتين " وأشار- عليه الصلاة والسلام- إلى النخلة والكرمة.
قال: وأما حكم المطبوخ منها، أما عصير العنب إذا طبخ أدنى طبخة- وهو الباذق- أو ذهب نصفه - وهو المنصف- فيحرم شرب قليله وكثيره، عند عامة العلماء- رضى الله عنهم-، والدليل على أن الزائد على الثلث حرام ما روى عن سيدنا عمر أنه كتب إلى عمار بن ياسر: إنى أتيت بشراب من الشام طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه يبقى حلاله ويذهب حرامه وريح جنونه، فمر من قبلك فليتوسعوا من أشربتهم، قال. نص على أن الزائد على الثلث حرام، وأشار إلى أنه ما لم يذهب ثلثاه فالقوة المسكرة فيه قائمة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم ينقل عنهم خلافه فكان إجماعاً منهم، ولا يحد شاربه ما لم يسكر، وإذا سكر حد، ولا يكفر مستحله. فأما إذا طبخ العنب كما هو فقد حكى أبو يوسف عن أبى حنيفة أن حكمه حكم العصير لا يحل حتى يذهب ثلثاه، وروى الحسن عن أبى حنيفة أن حكمه حكم الزبيب حتى لو طبخ أدنى طبخة يحل بمنزلة الزبيب وأما المطبوخ من نبيذ التمر ونقيع الزبيب أدنى طبخة، والمنصف منهما فيحل شربه، ولا يحرم إلا السكر منه، وهو طاهر، يجوز بيعه، ويضمن متلفه، قال: وهذا قول أبى حنيفة وأبى يوسف. وعن محمد روايتان: فى رواية لا يحل شربه، لكن لا يجب الحد إلا بالسكر، وفى رواية قال: لا أحرمه ولكن لا أشرب منه. بدائع الصنائع ٦/ ٢٩٣٤ - ٢٩٤٧.
(٢) لم أجدها فى كتب الشافعى بهذه السياقةَ، وغاية ما وقفت عليه فى الأم: قال الشافعى: أخبرنا إبراهيم ابن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن على بن أبى طالب قال: لا أوتى بأحد شرب خمراً أو نبيذاً مسكرًا إلا حددته. الأم ٦/ ١٣٠.
قال: قال بعض الناس: الخمر حرام، والسكر من كل الشراب، ولا يحرم المسكر حتى يسكر منه، ولا يحد من شرب نبيذاً مسكراً حتى يسكره. السابق ٦/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>