للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أَحَدِكُمْ ثَلاثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ، انْحَلَّتْ عُقدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ العُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ ".

ــ

وقوله: " يقول: عليك ليل طويل فارقد " أى أن ذلك مقصود ذلك العقد، وقيل: هو من عقد القلب وتصميمه وقد فسَّر هذا العقد بقوله: " عليك ليل طويل " كأنه يقولها إذا أراد النائم القيام لحزبه، فيؤثر ذلك فى نفسه، ويعقد صرفه (١) حتى يصبح، ويفوته حزبه، وقيل: هو مجاز كنى به عن حبس الشيطان وتثبيطه عن قيام الليل، وقال بعضهم: هذه العقد الثلاث هى الأكل والشرب والنوم؛ لأن من أكثر الأكل والشرب كثر نومه، وهذا عندى بعيد لقوله فى الحديث: " إذا نام " فإنما جعل العقد حينئذ. وفى رواية أكثرهِم عن مسلم: " عليك ليلاً طويلاً " على الإغراء بنومه، ومن رفع فعلى الابتداء، أو على الفاعل بإضمار فعل أى بقى عليك.

وقوله: " فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ " ثم ذكر مثل ذلك إذا توضأ، ثم مثله إذا صلى على ما تقدم إمَّا حل عقدة السحر، أو اعتقاد طول الليل أو انحلال ما نزع له به الشيطان وكفايته إياه. وقد اختلفت الرواية فى الحرف الآخر بعد قوله: " فإذا صلى انحلت عقدةٌ " هل على الإفراد كالذى قبله أو " عُقَدَه " على الجمع، ومعناهما واحد؛ لأن بانحلال العقدة الآخرة انحلت جميع العقد كما رواه مسلم: " انحلت العُقدُ ".

وقوله: " [فأصبح] (٢) نشيطاً طيب النفس " لسروره بما [قدَّمه] (٣) ورجائه فى ثواب عمله ونشاطه بزوال آخر (٤) سحر الشيطان عنه وكفايته إياه، ورجوعه خاسئاً [عنه] (٥) خائباً من كيده.

وقوله: " وإلا أصبَح خبيثَ النفس كسلان " بتأثير سحر الشيطان وبلوغه غرضه فيه وهمه بما فاته من حزبه، وجاز عليه من كيد عدوهِ. وليس قوله هذا مما يعارض به قوله: " بئس ما لأحدكم أن يقول خبثت نفسى " (٦) فإن ذلك النهى عن أن يقوله الإنسان عن


(١) فى الأصل: صدقه، والمثبت من س.
(٢) من س والمطبوعة، والذى فى الأصل: فيصبح.
(٣) من س، وفى الأصل: يقدِّمه.
(٤) فى الأصل: أخذ، والمثبت من س.
(٥) ساقطة من س.
(٦) البخارى، ك الأدب، ب " لا يقل أحدُكم: خبثت نفسى " ٨/ ٥١، وسيأتى إن شاء الله فى ك ألفاظ من الأدب وغيرها، بيد أن لفظه فيهما: " لا يقولَنَّ أحدُكم: خبثت نفسى " عن عائشة، ورواه مسلم - أيضاً - عن سهل بن حنيف. بلفظ: " لا يقل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>