للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ: {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا} (١).

٢٠٧ - (٧٧٦) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنْ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَعْقِدُ

ــ

أمر قيم يقوم لمن يقوم عليهم بفعل الخيرات ووجوه البرِّ وحضهم على الرغائب وما ليس بواجب، قال غيره: وعنه أنه ليس للإمام أن يشتد فى النوافل، وإنما يحض ويحث عليها إذ ليست بواجبة لانصراف النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنهما ولم يرجع شيئاً (٢)، كما جاء فى الحديث.

وقول على: " أنفسنا بيد الله " من قول الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الآية (٣)، وضرب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخذه، وقوله: {وكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا} (٤) استشهاد بقول الله تعالى وتسليم لحجتهما وحجةٌ فى صحة الجدل بالحق قال الله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} (٥). وقال المُهلِّب: فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك يدل أنه فهم أنه أحرجهما بإيقاظهما من نومهما.

قال القاضى: وهذا عندى غير بين، بل لا دليل على الحرج، بل إنما استدل بالآية علىٌّ، عذراً بذلك، وانقبضا استحياءً منه لطروقه إياهما فى حال اضطجاعهما، ويكون فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فعل وقال تعجباً من سرعة حجته وإصابة عذره.

وفيه حجة لجواز الضرب على الفخذ عند الأمر ينكر. ومعنى " طرقه ": أى أتاه ليلاً، والطروق ما جاء بالليل.

وقوله: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عُقَدٍ إذا نام، بكل عقدة: عليك ليل طويل فارقد " (٦): القافية: مؤخر الرأس، وقيل: القفا وآخر كلِّ شىء قافيته ومنه: قافية الشعر، وقيل فى عقده هذا أنه حقيقة وأنه بمعنى عقد السحر للإنسان ومنعه من القيام، قال الله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَد} (٧) وأنه قول يقوله فيؤثر فيه كما يقول الساحر، ويحتمل أن يكون فعلاً يفعله، مثل النفاثات فى العقد.


(١) الكهف: ٥٤.
(٢) جاءت فى الأبى: ولم يرجع عليها شيئاً.
(٣) الزمر: ٤٢.
(٤) الكهف: ٥٤.
(٥) العنكبوت: ٤٦.
(٦) لفظ المطبوعة: " بكل عقدة يضربُ عليك ليلاً طويلاً "، وليس فيها فارقد.
وجاءت فى البخارى أيضاً بمثل ما جاء فى نسخة القاضى: " عليك ليل طويل ". ك التهجد، ب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل ٢/ ٦٥.
(٧) الفلق: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>