للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧١ - (...) وحدَّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ المِسوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِىَّ أَخْبَرَاهُ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأ سُورَةَ

ــ

وأخرونا وآنسونا، و {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيه} (١) ومروا فيه، وسعوا فيه، وكقوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه} (٢) وامضوا، وإلى هذا ذهب الطبرى (٣) وابن عيينة وابن وهب وحكاه عن مالك.

وقال القاضى أبو بكر بن الطيب: الصحيح أن هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضبطتها عنه الأمة وأثبتها عثمان والجماعة فى المصحف، وأخبروا بصحتها، وخيروا الناس فيها كما فعل الرسول، وإنما طرحوا منها قراءة لم تثبت ونقلت نقل آحاد لا تثبت بمثلها القرآن، وأن هذه السبعة الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى، ليست متضادة ولا متباينة.

وذكر الطحاوى أن القراءة بالسبعة الأحرف إنما كانت فى وقت خاص للضرورة لأول ما نزل القرآن، واختلاف لغات العرب ومشقة كل طائفة أن ترجع إلى لغة الأخرى، فلما كثر الناس والكتَّاب وارتفعت الضرورة رجعت إلى حرف واحد (٤) وقيل: السبعة الأحرف


(١) البقرة: ٢٠. بالإسناد السابق عن أبى: أنه كان يقرأ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ} مروا فيه، سعوا فيه.
قال ابن عبد البر: كل هذه الأحرف كان يقرؤها أبى بن كعب. فهذا معنى الحروف المراد بهذا الحديث، والله أعلم. إلا أن مصحف عثمان الذى بأيدى الناس اليوم هو منها حرف واحد، وعلى هذا أهل العلم فاعلم. السابق.
(٢) الجمعة: ٩. وما ذكر القاضى هو رواية الأعمش عن أبى وائل عن ابن مسعود قال: إنى سمعتُ القرَأة، فرأيتُهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف فإنما هو كقول أحدكم: هلم، وتعال.
وروى ورقاء عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبى بن كعب أنه كان يقرا: {للذين آمنوا انظرونا} للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخرونا، للذين آمنوا ارقبونا. وبهذا الإسناد عن أبى بن كعب، أنه كان يقرأ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ} مرُّوا فيه، سعوا فيه. كل هذه الأحرف كان يقرؤها أبى ابن كعب. فهذا معنى الحروف المراد بهذا الحديث. والله أعلم. السابق
(٣) انظر: تفسير الطبرى ١/ ٥٧ وقد قال: الأحرف السبعة التى أنزل الله بها القرآن من لغات سبع، فى حرف واحد وكلمة واحدة باختلاف الألفاظ واتفاق المعانى كقول القائل: هلم وأقبل، وتعالى، وإلى، وقصدى، ونحوى، وقربى، ونحو ذلك مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعانى وإن اختلفت بالبيان به الألسن.
(٤) مشكل الآثار ٤/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>