للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يكون اختلافها من تغيير الكلمة بغيرها، أو زيادة حرف ونقصانه، أو يبدل حرف من آخر، أو اختلاف الإفراد والجمع أو المخاطبة والخبر، أو الأمر والخبر، أو تغير إعراب الكلم، أو التقديم والتأخير، أو الاختلاف فى لغات الحرف الواحد وتصريف الفعل، فمنه ما تختلف ألفاظه ومعناه واحد، ومنه ما يختلف معنى ولفظاً.

قال الباجى: ولا سبيل لنا إلى تغيير حرف من تلك الأحرف وكلها فى المصحف (١) وإلى هذا ذهب غيره. واستدل من قال هذا بمحو عثمان والصحابة وتحريقهم المصاحف الأول ما عدا المصحف، ولو كان فى شىء منها بقية من الحروف السبعة التى أنزل بها القرآن لم يُمْح. قالوا: وإنما محيت لأجل الترتيب المتفق عليه فى المصحف؛ لأن سائر المصاحف كانت على غير ترتيب، ولأنهم كتبوا صور الحروف على لغاتهم. وقال الداودى: والسبع المقارئ التى يقرؤها الناس اليوم ليس كل حرف منها هى أحد تلك السبعة، بل قد تكون مفرقةً فيها (٢)، وقال أبو عبد الله بن أبى صفرة (٣): هذه السبعة مقارئ إنما شرعت من حرف واحد من السبعة المذكورة فى الحديث وهو الذى جمع عليه عثمان المصحف، وذكره ابن النحاس وغيره، قال غيره: ولا تمكن القراءة بهذه السبعة فى ختمة واحدة، والقارئ إذا قرأ برواية من روايات القراءة إنما قرأ ببعضها لا بكلها ولا يُدرى أى هذه السبعة أحرف - يعنى القراءات - كان آخر العرض على النبى - عليه السلام - وكلها مستفيضة عن النبى - عليه السلام -


(١) واستدل على قوله من قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] قال: ولا يصح انفصال الذكر المنزل من قراءته فيمكن حفظه دونها، وأن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنزل على سبعة أحرف " تيسيراً على من أراد قراءته؛ ليقرأ كل رجل منهم بما تيسَّر عليه، وبما هو أخف على طبعه وأقرب إلى لغته، لما يلحق من المشقة بذلك المألوف من العادة فى النطق، ونحن اليوم مع عجمة ألسنتنا وبعدنا عن فصاحة العرب أحوج. المنتقى ١/ ٣٤٧. وعلى ذلك فكما ترى فإن متجه كلامه غير ما يقصد له القاضى.
(٢) قال الإمام ابن تيمية: لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التى ذكر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن القرآن أنزل عليها، ليست هى قراءات القراء السبعة المشهورة، بل أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد، وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد. فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام؛ إذ هذه الأمصار الخمسة هى التى خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره، والحديث والفقه من الأعمال الباطنة والظاهرة، وسائر العلوم الدينية، فلما أراد ذلك جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار ليكون ذلك موافقاً لعدد الحروف التى أنزل عليها القرآن، لا لاعتقاده أو اعتقاد غيره من العلماء أن القراءات السبعة هى الحروف السبعة، أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم. الفتاوى ١٣/ ٣٩٠.
قلت: وقد جرى اصطلاح المؤلفين فى فن القراءات على إطلاق مصطلح (قراءة) على ما ينسب إلى إمام من أئمة القراء مما اجتمعت عليه الروايات والطرق عنه، وإطلاق مصطلح (رواية) على ما ينسب إلى الآخذ عن هذا الإمام ولو كان بواسطة، كما اصطلح على إطلاق (طريق) على ما ينسب للآخذ عن الراوى ولو سفل.
ولكل إمام صاحب قراءة رواة كثيرون رووا عنه، ولكل راوٍ طرق متعددة. راجع: حجة القراءات: ٥٠.
(٣) هو محمد بن أحمد بن أسيد بن أبى صفرة، سمِع من الأصيلى، وكان من كبار أصحابه، وتوفى بالقيروان، وقد سمِع منه أخوه المهلب. ترتيب المدارك ٨/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>