للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفُرْقَانِ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَسَاقَ الحَدِيثَ بِمِثْلِهِ. وَزَادَ: فَكِدْت أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ.

(...) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ، كَرِوَايَةِ يُونُسَ بَإِسْنَادِهِ.

ــ

وضبطتها الأمة، وأضافت كل حرف منها إلى من أضيفت إليه من الصحابة؛ أى أنه كان أكثر قراءة به كما أضيف كل مقرئ منها إلى من اختار القراءة به والتلاوة من القراءة السبعة وغيرهم.

وقوله: " لك بكل مسألة ردَدْتَكها مسألة ردَّةً تسألنيها (١)، فقلت: اللهم اغفر لأمتى اللهم اغفر لأمتى، وادخرت (٢) الثالثة ليومٍ يرغب إلىَّ الخلق كلهم حتى إبراهيم " مثل ما تقدم قبل فى تفسير قوله: " لكل نبى دعوة يدعو بها، وادخرت دعوتى شفاعة لأمتى يوم القيامة " (٣) وأن اختصاصهم بهذه الدعوة - وإن كانت لهم دعوات كثيرة مستجابة - لكونه من هذه خاصة على يقين من إجابتها، وهم فى غيرها على الرجاء. وذهب قوم من ضعفة القراء والمنتسبين إلى الحديث وجماعة من المعتزلة: أن عثمان كتب المصحف وجمع الناس على بعض الأحرف السبعة وترك باقيها نظراً للمسلمين لما حدث من الاختلاف، وأن الذى جمع عليه كان آخر العرض، وهذا قول منكر مهجور، ولا يصححه نقل ولا عقل (٤).

قال الإمام: من الناس من ظَنَّ أن المراد بهذا سبعة معان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص إلى غير ذلك، وإنما غره فى ذلك حديث روى عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر فيه: " أنزل القرآن على سبعة أحرف "، وفسره بهذا المعنى، وهذا التأويل خطأ؛ لأنه - عليه السلام - أشار فى هذا الحديث إلى جواز القراءة بكل حرفٍ وإبدال حرفٍ من السبعة بحرف آخر، وقد تقرر إجماع المسلمين على أنه لا يحل إبدال آية أمثال بآية أحكام قال الله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي} (٥)، وكذلك أيضاً ظن آخرون أن المراد إبدال خواتِم الآى، فيجعل مكان " غفور رحيم " " سميع بصير "، ما لم يتناقض المعنى، فتبدل آية الرحمة بآية عذاب (٦). وهذا أيضاً فاسدٌ؛ لأنه قد استقر الإجماع على منع تغيير القرآن،


(١) الذى في المطبوعة " فلك بكلِّ رَدَّة رددتكها مسألةٌ تسأَلُنيها ".
(٢) ما فى المطبوعة: وأخَّرتُ.
(٣) ك الإيمان، ب الشفاعة (١٩٨/ ٣٣٤)
(٤) قلت: ما كان يصح أن يصدر مثل هذا عن القاضى، فإن هذا القول هو اختيار الطبرى، وإليه مال ابن عبد البر، وبه قال الطحاوى كما سبق قريباً. قال ابن عبد البر: إلا أن مصحف عثمان الذى بأيدى الناس اليوم هو منها حرف واحد، وعلى هذا أهل العلم فاعلم ٨/ ٢٩١، انظر: تفسير الطبرى ٢/ ٥٩، البرهان للزركشى ١/ ٢٢٢.
(٥) يونس: ١٥.
(٦) قال أبو عمر: أراد به ضرب المثل للحروف التى نزل القرآن عليها أنها معان متفق مفهومها، مختلفٌ مسموعها، لا تكون فى شىء منها معنى وضده ولا وجه يخالف وجهاً خلافاً ينفيه أو يضاده كالرحمة التى هى خلاف العذاب وضده وما أشبه ذلك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>