للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٢ - (٨١٩) وحدَّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِى عُبَيْد اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْن عُتْبَةَ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى حَرْفٍ. فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِى، حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ".

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: بَلَغنِى أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ إِنَّمَا هِىَ فِى الأَمْرِ الَّذِى يَكُونُ وَاحِدًا، لا يَخْتَلِفُ فِى حَلالٍ وَلا حَرَامٍ.

ــ

ولو زاد أحد من المسلمين فى كلمة منه حرفاً واحداً أو خفف مشدّدًا أو شدَّد مخففاً لبادر الناس إلى إنكاره، فكيف بإبدَال كثيرٍ من كلماته؟ وإذا فسد هذان التأويلان قلنا: ينبغى أن يعلم أن الحرف فى اللغة هو الطرف والناحية، ومنه حرف الوادى أى طرفه وناحيته، ومنه تسميتهم الشكل المقطوع من حروف المعجم حرفاً؛ لأنه ناحية وطرف من الكلام، ومنه قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف} (١)، يعنى على غير طمأنينة؛ لأن الشاكَّ كأنه على طرفٍ وناحية من الاعتقاد.

وإذا ثبت هذا قلنا: يصح أن الحرف من الأسماء المشتركة، فينطلق على المذهب الأول الذى هو المعانى (٢) المختلفة؛ لأن كل معنى منها طرف وناحية من صاحبه، وينطلق - أيضاً - على المذهب الثانى، وهو إبدال خواتم الآى؛ لأن كل مبدل طرفُ وناحية من الكلام ولكن منعنا (٣) من حمل حديثنا هذا عليه ورود الشرع بمنع الإبدال، فلابد من حمله على أحرف يجوز إبدالها، وليس إلا ما يُقَدَّرُ فى الشريعة جوازُ إبِدَاله وهو نحو الإمالة والفتح، فإن أحدهما يبدل بالآخر، والتفخيم والترقيق، والهمزة والتسهيل، والإدغام والإظهار، وما أشبه ذلك، والغرض منه حمل الحديث على أنه أراد ناحيةً وطرفاً من اللغات، ولكن يبقى على هذا المذهب نظر آخر، هل المراد بذلك وجود قراءات سبع فى كلمة واحدة أو يكون إنما أشار (٤) [إلى] (٥) تردد سبع لغات فى سائر الكلمات، فهذا مما اختلف فيه أهل هذه الطريقة وللنظر فيه مجال.


= قال: وهذا يعضد قول من قال: إن معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه، من الكلام المتفق معناه المختلف لفظه، نحو: هلم وتعال، وعجل وأسرع، وأنظر وأخر. التمهيد ٨/ ٢٨٤ والخبر أخرجه عبد الرزاق من حديث قتادة ١١/ ٣١٩.
(١) الحج: ١١.
(٢) فى الإكمال بالمعانى، والمثبت من المعلم.
(٣) فى ع: معنى
(٤) من ع.
(٥) فى س: أراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>