للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَهِلَ مَعْرِفَتَهُ كَانَ آثِمًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، غَاشًا لِعَوَامِّ المُسْلِمِينَ، إِذْ لا يُؤْمَنُ عَلى بَعْضِ مَنْ سَمِعَ تِلْكَ الأَخْبَارَ أَنْ يَسْتَعْمِلهَا، أَوْ يَسْتَعْمِلَ بَعْضَهَا، وَلعَلهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَكَاذِيبُ، لا أَصْلَ لهَا، مَعَ أَنَّ الأَخْبَارَ الصِّحَاحَ مِنْ رِوَايَةِ الثِقَاتِ. وَأَهْلِ القَنَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُضْطَرَّ إِلى نَقْلِ مَنْ ليسَ بِثِقَةٍ. وَلا مَقْنَعٍ.

ــ

والجمهور (١)، وذهب بعض المالكية إلى توقف الأمر عند التكافى، وقيل: يقضى بالأعدال. فإن كان (٢) عند المعدلين أكثر فالجمهور على تقديم الجرح للعلة المتقدمةُ. وذهبت طائفة إلى ترجيح التعديل، وقال الباجى: وهذا عندى يحتاج إلى تفصيل، فإذا قال المُعَدّل: هو عدلٌ رضى، وقال المجرّحُ: فاسِق رأيته أمس يشربُ الخمر، فلا تنافى بين الشهادتين. وقد أثبت هذا فسْقاً لم يعلمه الآخر، فأما لو قال المعدّل: ما فارقنى أمسِ الجامع ومثل هذا، فقد تعارضَت الشهادتان، ولعل توقُّف من توقَّفَ من أصحابنا لهذا الوجه.

وقال اللخمى (٣): إذا كان اختلافهما فى ذلك عن كلام قاله فى مجلس أو فعلٍ فعله قُضِىَ بالأعدال لا [به] (٤) تكاذب، وهذا نحو ما أشار إليه الباجى، وإن كان عن مجلسين متباينين غلب الجرح، وإليه يرجع قول الجمهور، وإن تباعدت شهادة العدل من شهادة المجرح قضى بآخرهما- وهذا مما لا يختلف فيه- إلا أن يُعلم أنه كان حين شُهد عليه بتقادم (٥) الجرح ظاهر العدالة إذ ذاك، حسب ما هو عليه الآن فيغلب الجرح.

قال القاضى: ثُم يُرْجَع إلى الأصل عند تعارضُ الشهادتين، فإن كان قبل محمولاً على العدالة، وجاءت بعدُ مثل هذه الشهادة مضت عدالته على ما تقدم له وعُرف من حاله إذ سقطت الشهادتان، وإن كان على غير ذلك بقى على حكمه الأول، وهل يترجح التعارض مع القول بالتوقف بالكثرة على الخلاف المتقدم.


(١) بشرط أن يكون الجارح والمعدل عارفاً بصيراً بأسبابهما، وهذا القول منهم بناءً على انعدام السبب فى كليهما، حكاه الغزالى فى المستصفى عن القاضى الباقلانى ١/ ١٦٢، ونقله الآمدى فى الإحكام ٢/ ١٢٢.
(٢) فى الأصل: كاه، وهو خطأ.
(٣) هو: بدر بن الهيثم بن خلف، القاضى الفقيه الصدوق. حدث عنه عمرُ بن شاهين وأبو بكر بن المقرى وجماعة. قال الدارقطنى. كان ثقةً نبيلاً. توفى سنة سبع عشرة وثلاثمائة. تاريخ بغداد ٧/ ١٠٧، سير ٥٣٠/ ١٤.
(٤) ساقطة من الأصل، واستدركت فوق سابقتها على أنها فيه.
(٥) فى ت: بتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>