للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجِدُ هَذَا الشَّرطَ الذِى اشْتَرَطْتَهُ عَنْ أَحَدٍ يَلزَمُ قَوْلهُ؟ وَإِلا فَهَلُمَّ دَلِيلاً عَلى مَا زَعَمْتَ.

فَإِنِ ادَّعَى قَوْلَ أَحَدِ مِنْ عُلمَاءِ السَّلفِ بِمَا زَعَمَ مِنْ إِدْخَالِ الشَّرِيطَةِ فِى تَثْبِيتِ الخَبَرِ، طوُلِبَ بِهِ، وَلنْ يَجِدَ هُوَ وَلا غَيْرُهُ إِلى إِيجَادِهِ سَبِيلاً، وَإِنْ هُوَ ادَّعَى فِيمَا زَعَمَ دَلِيلاً يَحْتَجُّ بِهِ قِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ الدَّلِيلُ؟ فَإِنْ قَالَ: قُلَتُهُ لأَنِّى وَجَدْتُ رُوَاةَ الأَخْبَارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرْوِى أَحَدُهُمْ عَنِ الآخَرِ الحَدِيثَ وَلمَّا يُعَاينْهُ، وَلا سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا قَطُّ، فَلمَّا رَأَيْتُهُمُ اسْتَجَازُوا رِوَايَةَ الحَدِيثِ بَيْنَهُمْ هَكَذَا عَلىَ الإِرْسَالِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ، والمُرْسَلُ مِنَ

ــ

بإجماع أهل النقل، على تورع رواته عن التدليس (١)، وإلى ما ذهب إليه مسلم ذهب القاضى أبو بكر الباقلانى وغيره من أئمة النظار.

وكذلك اختلفوا فى لفظة: " أنَّ فلاناً " هل هى مثل: عن فلان؟ فيقضى لها بالاتصال (٢) أو بضد ذلك، فقال جمهورهم: إِنَّ " أَنَّ " و " عن " سواء على الشروط المذكورة فى " عن "، وزعم البَرْدَيجىُّ أنَّها على الانقطاع حتى يتبيَّن فيها السَّماعُ بخلاف " عن " (٣).

قال مسلم: " والمرسل من الروايات فى أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة ".

قال القاضى: اختلف العلماء فى المرسل على ما يقع من الحديث وفى ثبوت الحجة به، فأما الفقهاءُ والأصوليون فيطلقون المرسل على [كل ما لا يتصل] (٤) سنَدُه إلى النبى


(١) معرفة علوم الحديث: ٣٤.
ومثل له بمثالين:
الأول: قال: ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر الخولانى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنى عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد الأنصارى، عن أبى الزبير، عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لكل داءٍ دواءٌ، فإذا أصيب دواء الداء برِىَ بإذن الله عز وجل ".
قال: هذا حديث رواته بصريون، ثم مدنيون ومكيون، وليس من مذاهبهم التدليس، فسواء عندنا ذكروا سماعهم أو لم يذكروه.
الثانى: قال: ما أخبرناه أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبى بمرو، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن المختار، عن ابن سيرين، عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه أذى ".
قال الحاكم: هذا حديث رواته كوفيون وبصريون ممن لا يدلسون، وليس ذلك من مذاهبهم، ورواياتهم سليمة، وإن لم يذكروا السماع. معرفة: ٣٤، ٥٣.
(٢) كتبت فى الأصل: بالانفصال. ثم ضرب عليها وكتبت بالهامش بالاتصال، ثم كتب بعدها: حيث ثبت الانفصال، وهى عبارة ذكرها يضر بالمعنى.
(٣) قال الخطيب: " وتأثير الخلاف بين اللفظين إنما يتبين فى رواية غير الصحابى " الكفاية: ٥٧٥.
(٤) فى ت: ما لم يتصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>