للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، حَرِيصَةً عَلَى اللَّهْوِ.

١٩ - (...) حدّثنى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى - وَاللَّفْظُ لِهَارُونَ - قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو؛ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِى جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِى، وَقَالَ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " دَعْهُمَا "، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ. فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ: " تَشْتهِينَ تَنْظُرِينَ؟ ". فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَأَقَامَنِى وَرَاءَهُ، خَدِّى عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: " دُوْنَكُمَ يَا بَنِى أَرْفِدَةَ "، حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: " حَسْبُكِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَاذْهَبِى ".

٢٠ - (...) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة

ــ

الحرب وتمرينًا للأيدى عليها، وكون ذلك فى المسجد إما لأنه من هذا الباب، فكأنه من أعمال البر، أو كما قيل: كان فى أول الإسلام، وقيل: النهى عن مثل هذا وغيره فيه، وفيه جواز نظر النساء إلى فعل الرجال، مثل هذا، لأنه إنما يكره لهنَّ من النظر إلى الرجال ما يكره للرجال فيهن من تحديق النظر لتأمل المحاسن، والالتذاذ بذلك، والتمتع به، وفيه ما كان عليه - عليه السلام - من حسن الخلق، وكرم العشرة مع الأزواج، وجميع الخلق.

وقوله: " دونكم يا بنى أرفدة " بفتح الفاء ضبطناه على الشيخ أبى بحر، وكذا أتقنه عن شيخه القاضى الكنانى، أما الوزير أبو الحسن فقاله لنا بكسر الفاء لا غير، وأنكر الفتح. ومعنى تسميتهم ببنى أرفَدة [قيل] (١): هو لقب لهم.

وقوله: " دونكم ": لفظ يستعمل للإغراء، والمغرى به هنا محذوف دلت عليه الحالةُ التى هم فيها، وهو لعبهم بالحراب الذى نهاهم عمر عنه. قال الخطابى: وهى تتقدم الاسم فى الجملة (٢)، إلا شاذًا كما قال:

يا أيها المايحُ دلوى دونكما (٣)


(١) ساقطة من س.
(٢) يعنى كلمة الإغراء.
(٣) صدر بيت أنشده أبو عبيدة، وعجزه:
إنى رأيت الناس يحمدونكا
قال فى اللسان: والميح أن يدخل البئر فيملأ الدلو، وذلك إذا قل ماؤها.

<<  <  ج: ص:  >  >>