للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - (...) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ،

ــ

لكن رواية من قال عن الزهرى: " ثم صلى " بَيِّنَةٌ فى الترتيب وتقديم الخطبة، ويعارضها رواية معمر عنه قال: " فصلى بهم ركعتين وحوَّل رداءه ورفع يديه واستسقى "، ومن رواية إسحاق بن عيسى الطبَّاع عن مالك أنه - عليه السلام - أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة (١) ولاختلاف هذه الآثار - والله أعلم - اختلف فى ذلك قول مالك، ثم عُضِّد عنده أحد الوجهين قياسُها على سنة صلاة العيد التى تشبهها (٢). ولم يذكر فى هذه الآثار فيها تكبيرًا زائدًا على سائر تكبير الصلوات، وهو قول جمهور العلماء إلا الشافعى، والطبرى، فإنهما قالا: يكبر فيها كما يكبر لصلاةَ العيد، وحجتهما قوله فى بعض الأحاديث: " صلى فيهما ركعتين كما يصلى فى العيد " (٣) وليس فيه حجة (٤) إذ الظاهر العدد والجهر وكونهما بعد الخطبة إلا التكبير، واختلف فى المسألة قول أحمد، وخيَّر داود بين التكبير وتركه، وروى عن ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومكحول التكبيرُ فيها، ولم يذكر مسلمٌ جهره بالقراءة فيها، وقد ذكره البخارى (٥)، ولا خلاف فى ذلك، فلم يذكر فيها بغير أذان ولا إقامة، وقد ذكره غيره فى حديث الزهرى، ولا خلاف فى ذلك، ولم يذكر جلوسه أثناء الخطبة، ولا أولها، وقد اختلف قول مالك فى جلوسه فيها أولا، والجلوس المشهور عنه، وكذلك يجلس عنده أثناءها ويخطب خطبتين، وهو قول الشافعى، وقال أبو يوسف ومحمد ابن الحسن وعبد الرحمن بن مهدى: خطبة واحدة (٦) وخيّره الطبرى (٧).


(١) وتلك من زيادات إسحاق كما ذكر أبو عمر. الاستذكار ٧/ ١٢٩. ثم قال: وقد روى عن عمر أنه خطب فى الاستسقاء قبل الصلاة. السابق ٧/ ١٣٢.
(٢) قال أبو عمر، وعليه جماعة الفقهاء ٧/ ١٣٣.
(٣) أبو داود فى الصلاة، ب جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها ١/ ٣٠٢. الترمذى فى الصلاة، ب ما جاء فى صلاة الاستسقاء (٥٥٨)، النسائى كذلك فى ب كيف صلاة الاستسقاء (١٥٢١)، ابن ماجه فى الإقامة، ب ما جاء فى صلاة الاستسقاء (١٢٦٦)، أحمد فى المسند ١/ ٢٢٣، الحاكم فى المستدرك ١/ ٣٢٦، جميعًا من طريق وكيع عن سفيان الثورى، خلا أبا داود فإنه من طريق حاتم بن إسماعيل عن هشام بن إسحاق به. وقال فيه الترمذى: حديث حسن صحيح.
(٤) قال ابن عبد البر: وليس فيه حجة من جهة الإسناد ولا من جهة المتن؛ لأنه يمكن أن يكون التشبيه فيه بصلاة العيدين من جهة الخطبة، إلا أن ابن عباس رواه وعَمَل بالتكبير كصلاة العيد بمعنى ما روى. الاستذكار ٧/ ١٣٧.
(٥) ك الاستسقاء، ب الجهر بالقراءة فى الاستسقاء ٢/ ٣٨، وكذا أخرجه الترمذى وعبد الرزاق فى المصنف (٤٨٨٩)، قال أبو عمر: ومن أحسن الناس سياقة لهذا الحديث الزهرى، الاستذكار ٧/ ١٣٠.
(٦) خطَبةً واحدة خفيفة، يعظُهم ويحثُّهم على الخير. انظر: الشرح الكبير ١/ ٤٠٥، الشرح الصغير ١/ ٥٣٧، مغنى المحتاج ١/ ٣٢٣، المغنى ٢/ ٤٣٠، الاستذكار ٧/ ١٣٥.
(٧) فقال: إن شاء خطب واحدة، وإن شاء اثنتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>