للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠ - (...) وحدَّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ أَبُو يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوسَى، عَنْ أَبِى مُوسَى؛ قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ أَقْبَلَ صُهَيْبٌ مِنْ مَنْزِلِهِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُمَرَ، فَقَامَ بِحِيَالِهِ يَبْكِى. فَقَالَ عُمَرُ: عَلَامَ تَبْكِى؟ أَعَلَىَّ تَبْكِى؟ قَالَ: إِى؛ وَالله! لَعَلَيْكَ أَبْكِى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: وَاللهِ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ يُعَذَّبُ ".

قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، فَقَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: إِنَّمَا كَانَ أُولَئِكَ الْيَهُودَ.

٢١ - (...) وحدَّثنى عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، لَمَّا طُعِنَ، عَوَّلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ. فَقَالَ: يَا حَفْصَةُ، أَمَا سَمِعْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟ " وَعَوَّلَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ. فَقَال عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ، أَمَا عَلِمتَ: " أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ؟ ".

ــ

الميت وصى بأن يبكى عليه فيعذب إن نُفِّذَتْ وصيته، ومن الإيصاء بهذا المعنى قول طرفة:

إذا مت (١) فانعينى بما أنا أهله ... وشُقىّ علىَّ الجيبَ يا ابنة معبد

وقيل: معنى " يعذب ببكاء أهله ": أى أن تلك الأفعال التى يعددها أهله بما يعدَّونها محاسِنَ يُعذَّبُ عليها من إيتام الولدان وإخراب العمران على غير وجه يجوز. وأما عائشة - رضى الله عنها - فإنها تأوَّلت ذلك على أنه كان فى يهوديةٍ، وأنه قال: " إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب فى قبرها "، وذكر عنها مسلمٌ - أيضاً - أنها لما أُخبرت بقول عبد الله بن عمر أنَّ الميت ليعذّب فى قبره ببكاء أهله، قالت: " وَهِلَ أَبو عبد الرحمن، إنما قال - عليه السلام -: إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه، وأن أهله ليبكون عليه الآن ". قالت: [وهو مثل قوله] (٢): " إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلى بدر من المشركين، فقال لهم ما قال: " إنهم ليسمعون ما أقول "، وقد وهِل، إنما قال: " [إنَّهم] (٣) ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حقٌّ ".

قال القاضى: وقيل: معناه: إنه يتعذب بسماع بكاء أهله [وَيرقُ لهم] (٤)، وقد جاء هذا مفسراً فى حديث قَيلة حين بكت عند ذكرها موت أبيها (٥)، فزجرها النبى - عليه


(١) لفظها فى المعلقة: فإن مت. ومعبدٌ أخوه.
(٢) الذى فى المطبوعة: وذاك مثل قوله.
(٣) ساقطة من س.
(٤) سقط من س.
(٥) فى س: ابنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>