للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢ - (٩٢٨) حدّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جَنَازَةَ أُمِّ أَبَانٍ بِنْتِ عُثْمَانَ، وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُودُهُ قَائِدٌ، فَأُرَاهُ أَخْبَرَهُ بِمَكَانِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلى جَنْبِى، فَكُنْتُ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا صَوْتٌ مِنَ الدَّارِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - كَأَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَى عَمْرٍو أَنْ يَقُومَ فَيَنْهَاهُمْ -: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ ". قَالَ: فَأَرْسَلَهَا عَبْدُ اللهِ مُرْسَلَةً.

(٩٢٧) فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ نَازِلٍ فِى شَجَرَةٍ. فَقَالَ لِى: اذْهَبْ فَاعْلَمْ لِى مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ، فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيْبٌ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: إِنَّكَ أَمَرْتَنِى أَنْ أَعْلَمَ لَكَ مَنْ ذَاكَ، وَإِنَّهُ صُهَيْبٌ. قَالَ: مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا. فَقُلْتُ: إِنَّ مَعَهُ أَهْلَهُ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَيُّوبُ: مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا - فَلَمَّا قَدِمْنَا لَمْ يَلْبَثْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أُصِيبَ، فَجَاءَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: وَا أَخَاهْ! وَا صَاحِبَاهْ! فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ تَعْلَمْ، أَوْ لَمْ تَسْمَعْ - قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ: أوَ لَمْ تَعْلَمْ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الْمَيِّت لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ ".

ــ

السلام - ثم قال: " إنَّ أحَدَكم إذا بكى استعبر له صويحبُه. فيا عباد الله، لا تعذبوا إخوانكم " (١)، وإلى هذا نحا الطبرى وغيره، وهو أولى ما يقال فيه لتفسير النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى هذا الحديث ما أبهمه فى غيره، ويندفع به الاعتراض بقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢)، وذهب داود وطائفة إلى اعتقاد ظاهر الحديث، وأنه إنما يُعذَّب بنو جهم [عليه] (٣)؛ لأنه أهمل نهيهم عنه قبل موته، وتأديبهم بذلك فيُعذَّبُ بتفريطه فى ذلك، وترك ما أمره الله به من قوله: {قُوا أَنفُسَكُمْ ؤأَهْلِيكُمْ نَارًا} (٤)، فيندفع عنه الاعتراض بالآية على هذا، لكن فى حقِّ من أهمل ذلك وجهله من يخلفه. وحمل العلماء هذا الباب كله أنه فى البكاء بالصوت والصراخ والنياحة لا فى بكاء العين.

قال الإمام: اعتد بعض الناس بحديث القليب، فقال: إن الميت يسمع، وهذا غير صحيح عند أهل الأصول؛ لأن الحياة شرط فى السمع فلا يسمع غير حى، وحمل بعض


(١) الطبقات الكبرى ١/ ٣٢٠. ولفظه فيه من حديث طويل: " والذى نفس محمد بيده، إِنَّ أحُيدَكم ليبكى فيستعبرُ إليه صويحبه ... " الحديث.
وهى قيلة بنت مخرمة، كانت تحت حبيب بن أزهر أخى بنى خباب.
(٢) الأنعام: ١٦٤، الإسراء: ١٥، فاطر: ١٨.
(٣) من س.
(٤) التحريم: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>