للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد يكون معنى قولهم: " غسلة بالماء والسدر " ليس بأن يلقى فيه السدر كما قالوا، ولكنه يخضخض السدر بالماء حتى يخرج رغوته بالغسل (١)، ثم نغسل به الميت ويصب الماء من فوق ذلك للتطهير، ولعل هذا مراد الداودى كسائر غسل ما يزال من النجاسات والأقذار اللَّزجة بالغاسول، فلا يكون غسلاً بمضاقٍ، وغير السدر يقوم مقامه عند عدمه من سائر الغاسولات عند كافة العلماء (٢)، وروى عن عائشة فى غسل رأس الميت بالخطمى (٣) نهى، وغسل الميت عندنا ليس لنجاسة (٤) إلا أن تكون به ظاهرة فتزال، وإنما هو عبادة (٥)، وقيل: نظافة، ولو كان لنجاسة لما زاده الغسل إلا نجاسة إذ الذات النجسة لا يطهرها الماء، على القول بنجاسة الأدمى إذا مات، فكيف والصحيح طهارة المؤمن حيًا وميتًا؟ وقد قال - عليه السلام -: " المؤمن لا ينجس " (٦) وسنذكر هذا بعد.

وقوله: " واجعلن فى الآخرة كافورًا ": لشدة تبريده وتجفيف جسد الميت، وحياطته عن سرعة التغير والفساد، ولتطيب رائحته للمصلين عليه، ومن يحضره من الملائكة، وعلى استعمال هذا جماعة العلماء إلا أبا حنيفة وأصحابه. وروى عن النخعى إنما ذلك فى


(١) فى الأصل: للغسل.
(٢) قال الحسن فى الميت: اغسله بسدر، فإن لم يوجد سدر فخطمى، فإن لم يكن خطمى فبأشنان، وقال سعيد بن جبير: إذا لم يكن سدر فخطمى. مصنف ابن أبى شيبة ٣/ ٣٤٤، وكذا روى أيضاً عبد الرزاق فى مصنفه عن أبى قلابة قال: " إذا طالَ ضنى الميتَ غُسِّل بالأشنان إن شاؤوا " ٣/ ٣٩٩ والضنى: المرض والهزال وسوء الحال.
(٣) أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه عن الأسود قال: قلت لعائشة: يُغسل رأس الميت بخطمى؟ فقالت: لا تعتنتوا ميِّتكم. ٣/ ٣٤٤.
والخطمى: هو ضرب من النبات. يغسل به. وفى الصحاح: يغسل به الرأس. قال الأزهرى: هو بفتح الخاء، وعن قال بالكسر قد لحن. لسان العرب.
(٤) فى س: بنجاسة. قال ابن عبد البر فى الاستذكار: والقول عندى فى غسل الميت أنه تطهيرُ عبادة لا لإزالة نجاسة ٨/ ١٩٢.
(٥) قال أبو عمر: تطهير الميت تطهير عبادة لا لإزالة نجاسة، وإنما هو كالجنب، وغسله كغسل الجنب سواء. التمهيد ١/ ٣٧٦.
وقد روى البخارى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال: المسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا.
وقال سعد: لو كان نجسًا ما مسسته، وقال: وحنط ابن عمر - رضى الله عنهما - ابنًا لسعيد بن زيد وحمله، وصلى ولم يتوضأ. صحيح البخارى ٢/ ٩٣.
وقال ابن حجر: والمشهور عند الجمهور أنه غسل تعبدى. الفتح ٣/ ١٥١.
(٦) سبق فى ك الحيض، ب الدليل على أن المسلم لا ينجس، من حديث أبى هريرة بلفظ: " سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس ".
وكذا أخرجه البخارى، ك الغسل، ب الجنب لا يخرج ويمشى فى الأسواق ١/ ٧٩، ك الجنائز، ب غسل الميت ووضوئه بالسدر ٢/ ٩٣، النسائى، ك الغسل، ب مماسة الجنب ومجالسته ١/ ١١٩، ابن ماجه، ك الطهارة، ب مصافحة الجنب ١/ ١٧٨، أحمد فى المسند ٢/ ٢٣٥، ٣٨٢، ٤٧١، وجاء بلفظ: " إن المسلم لا ينجس ".

<<  <  ج: ص:  >  >>