للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَسْنَدَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِىُّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَادِيثَ.

فَكُلِّ هَؤُلاءِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ نَصَبْنَا رِوَايَتهُمْ عَنِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ، لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُمْ سَمَاعٌ عَلِمْنَاهُ مِنْهُمْ فِى رِوَايَةٍ بِعَيْنِهَا وَلا أَنَّهَم لَقُوهمْ فِى نَفْسِ خَبَرٍ بِعَيْنِهِ.

وَهِىَ أَسَانِيدُ عِنْدَ ذَوِى المَعْرِفَةِ بِالأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ مِنْ صِحَاحِ الأَسَانِيدِ، لا نَعْلَمُهُمْ وَهَّنُوا مِنْهَا شَيْئًا قَطٌّ. وَلا التَمَسُوا فِيهَا سَمَاعَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ.

إِذِ السَّماعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُمْكِنٌ مِنْ صَاحِبِهِ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ، لِكَوْنِهِمْ جَمِيعاً كَانُوا فِى العَصْرِ الذِى اتَّفَقُوا فِيهِ.

وَكَانَ هَذَا القَوْل الذِى أَحْدَثَهُ القَائِلُ الذِى حَكَيْنَاهُ فِى تَوْهِينِ الحَدِيثِ، بِالعِلةِ التِى وَصَفَ - أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعَرَّجَ عَليْهِ وَيُثَارَ ذِكْرُهُ.

إِذْ كَانَ قَوْلاً مُحْدَثاً وَكَلاماً خَلفاً لمْ يَقُلهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ سَلفَ، وَيَسْتَنْكِرُهُ مَنْ بَعْدَهُمْ خَلَفَ. فَلَا حَاجَةَ بِنَا فِى رَدِّهِ بِأَكْثَر مِمَّا شَرَحْنَا، إِذ كَانَ قَدْرُ المَقَالةِ وَقَائِلهَا القَدْرَ

ــ

وأبى جمهور أهل المشرق من إطلاق " حدَّثنا " فى القراءة على العالم، وأجازوا فيه " أخبرنا " ليفرقوا بين الموضعين، وسموا القراءة عرضاً، وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى فى آخرين، إليه ذهب مسلم، وقالوا: إن أول من أحدث الفرق بين هذين اللفظين ابن وهب (١) بمصر، وقالوا: لا يكون " حدثنا " إلا فى المشافهة من المخبر، وقال بعضهم: لا


(١) هو عبد الله بن وهب القرشى المصرى. روى عن مالك والليث، وابن أبى ذئب، والسفيانين، وابن جريج، ونحو أربعمائة شيخ من المصريين والحجازين، والعراقيين، وقرأ على نافع، وروى عنه الليث، وقيل: إن مالكاً روى عنه عن ابن لهيعة. قال أبو عمر: " يقولون: إن مالكاً لم يكتب لأحد بالفقيه إلا إلى ابن وهب ". قال فيه ابن معين: " ثقة "، وكذا قال النسائى فيه.
مات سنة ست وتسعين ومائة. ترتيب المدارك ٢٢٨: ٢٤٠.
قال ابن الصلاح: حدثنا وأخبرنا أرفع من سمعت من جهة، لأنه ليس فى " سمعت " دلالة على أن الشيخ رواه الحديث وخاطبه، وفى حدثنا وأخبرنا دلالة عليه. المقدمة: ١٢٠، فتح المغيث ٢/ ٢٠، التدريب ٢/ ١٠. وقال الخطيب: أرفع العبارات فى ذلك سمعت، ثم حدثنا وحدثنى، ثم يتلو ذلك أخبرنا، وهو كثير فى الاستعمال حتى إن جماعات كثيرين من المتقدمين الحفاظ كانوا لا يكادون يخبرون عما سمعوه من لفظ الشيخ إلا بأخبرنا، وكان هذا قبل أن يشيع تخصص أخبرنا بما قرئ على الشيخ، ثم يتلو أخبرنا، أنبأنا، ونبأنا وهو قليل فى الاستعمال. الكفاية: ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>