للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِى وَصَفْنَاهُ، وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلى دَفْعِ مَا خَالفَ مَذْهَبَ العُلمَاءِ وَعَليْهِ التُّكْلانُ.

ــ

يقول " حدثنا " و " أخبرنا " إلا فيما سمع من الشيخ، وليقل: قرأتُ- وقرئ عليه وأنا أسمعُ، وإلى هذا نحوا [يحيى بن يحيى التميمى وابن المبارك وابن حنبل والنسائى وجماعة، وحكى عن إسحاق بن راهويه وغيره أنه اختار فى السماع] (١) والقراءة أخبرنا، وأنه أعمُّ من حدثنا (٢). وشرط بعض أهل الظاهر فى صحة الإخبار بالقراءة أن يقول القارئ للشيخ: هو كما قرأته عليك؟ فيقول: نعم، وأباه إذا سكت القارئ ولم يقرره هذا التقرير (٣).

وقد جاء داخل " الأم " أشياء من هذا الباب فى حديث يحيى بن يحيى عن مالك وغيره (٤)، وإن كان قد روى عن مالك إنكارُ مثل هذا لمن سأله وقال له: ألم أُفَرغ لكم نفسى وسمعتُ عَرْضكم وأقمت سقطه وزلَله؟ وإلى ما ذهب إليه مالك من جواز الحديث بالقراءة دون التقرير ذهب الجمهور، ولم يختلفوا أنه يجوز أن يقول فيما سمع من لفظ الشيخ: حدثنا وأخبرنا وسمعت، وقال لنا وذكر لنا، واختار القاضى أبو بكر فى أمة من المحققين أن يفصل بين السماع والقراءة فيطلق فيما سمع: حدثنا، ويُقيّد فيما يقرأ: حدثنا وأخبرنا قراءة، أو قرأت عليه أو سمعت يقرأ عليه، ليزول إبهام اختلاط أنواع الأخذ، وتظهر نزاهة الراوى وتحفظه. وقد اصطلح متأخرو المحدثين على تفريق فى هذا، فقال الحاكم أبو عبد الله: الذى أختاره فى الرواية وعهدتُ عليه أكثر مشايخى وأئمة عصرى أن يقال: فيما يأخذه من المحدث لفظاً وحده: حدثنى، وإن كان معه غيره: حدثنا، وفيما قرأه عليه وحده: أخبرنى، وما قرئ عليه وهو حاضر: أخبرنا، وما عُرض عليه فأجازه له شفاهاً: أنبأنى، وما كتب به إليه ولم يشافهه: كتب إلى (٥)، وعن الأوزاعى نحو ما


(١) سقط من ت.
(٢) و (٣) راجع: إحكام الأحكام لابن حزم ٢/ ٣٢٣.
(٤) هو ابن بكير بن عبد الرحمن التميمى: روى عن مالك الموطأ، قال عياض فى ترتيب المدارك: وقيل: إنه قرأه عليه، ولازمه مدة للاقتداء به روى عن الليث، والحمادين، وأبى عوانة، وابن لهيعة، وابن عيينة، وهشيم، وابن المبارك.
قال: " قال أبو عمر: كان ثقة، مأموناً، مرضياً. روى عنه جماعة من الأئمة كإسحاق بن راهويه، والذهلى، والبخارى، ومسلم، وخرجا عنه فى الصحيحين كثيراً ".
قال ابن خلاد الرامهرمزى: " رحل إلى مصر والشام، واليمامة، والعراق، وكان أحمد بن حنبل يثنى عليه ويقول: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثله، وكان من ورعه يشك فى الحديث كثيراً حتى سموه الشكاك. وقال إسحاق بن راهويه: لم أكتب العلم عن أحد أوثق فى نفسى منه، ومن الفضل بن موسى السّينائى ".
وقال أبو بكر بن إسحاق. " لم يكن بخراسان أعقل من يحيى بن يحيى، وكان أخذ تلك الشمائل من مالك بن أنس -رحمه الله- أقام عليه لأخذها سنة بعد أن فرغ من سماعه، فقيل له فى ذلك، فقال: إنما أقمت مستفيداً لشمائله، فإنها شمائل الصحابة والتابعين ".
قال: قال البخارى: " توفى سنة لست وعشرين ومائتين ". ترتيب المدارك ٣/ ٢١٦.
(٥) الحاكم فى معرفة علوم الحديث: ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>