للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، وَأشَاحَ بِوَجْهِهِ: ثَلاثَ مِرَارٍ. ثُمَّ قَالَ: " اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ ".

٦٩ - (١٠١٧) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِىُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى صَدْرِ النَّهَار. قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِى النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِى السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأمَرَ بِلالاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (١)، وَالآيَةَ الَّتِى فِى الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} (٢) تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاع بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشِقِّ

ــ

ينظر إليها، قال الأصمعى: المشيح الجاد، والمشيح - أيضاً - الحَذِر، وقال الفراء: المشيح على معنيين: المقبل إليك، والمانع لما وراء ظهرِه، قال: وقوله: " فأعرض وأشاح ": أى أقبل.

قال القاضى: قال الحربى: عن أبى عمرو: والمشيح الهارب، وأصله بلوغ الغاية فى كل شىء. قال الحربى: فأشبه الوجوه هنا التنحية، وهو أشبه بالإعراض، وقال الخليل: أشاح بوجهه عن الشىء: نحاه عنه وعزل به، وهذا يطابق أعرض.

وقوله: " اتقوا النار ولو بشق تمرة ": تحريض على الصدقة، وأنه (٣) لا يستحقر منها شىء وشق الشىء: نصفه، ومعنى الاستتار من النار فى الحديث الآخر: التوقى منها.

وقوله: " مُجْتَابِى النمار أو العباء " النمار بكسر النون جمع نمرة، وهى ثياب صوف فيها تنمير مثل أنصاف الحلق والاجتياب: غرير وسطها، ومنه: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} (٤)، ثقبوه وخرموه. وتلاوته - عليه السلام - فى خطبته فى الحث (٥) على صدقته: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} لما فيها - والله أعلم - من


(١) النساء: ١.
(٢) الحشر: ١٨.
(٣) فى س: وأنها.
(٤) الفجر: ٩
(٥) فى س: الحض.

<<  <  ج: ص:  >  >>