للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٦ - (١٠٣٥) حَدَّثَنَا أبو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ؛ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ، بُورِكَ لَهُ فِيهِ. وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالذِى يَأكُلُ وَلا يَشْبَعُ، وَاليَدُ العُليَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلى ".

ــ

وقوله: " إن هذا المال خضرة حلوة "، قال الإمام: قال الهروى: " خضرة " يعنى: غضة ناعمة طرية، وأصله من خضرة الشجر، وسمعت الأزهرى يقول: أخذ الشىء خضراً مضراً؛ إذا أخذه بغير ثمن، وقيل: غضاً طرياً.

وقوله: " ومن أخذه بإشراف نفس لم يُبَارَك له فيه " قال القاضى: أى يتطلع إليه وتعرض، وطمع، كما قال فى الحديث بعده: " فمن أعطيته عن مسألة وشره "، فى هذا الحديث وغيره ذم الحرص وكثرة السؤال، وكثرة عطاء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه كان لا يرد سائلاً، وفضل القناعة والإجمال فى الطلب، لقوله: " فمن أخذ بحقه بطيب نفس بورك له فيه "، وفى الحديث الآخر: " بسخاوة نفس بورك له فيه " (١)، وأن البركة مع القناعة. ويرجع طيب النفس وسخاوتها على المعطى، وهو الأظهر، لقوله فى الحديث الآخر: " فمن أعطيه عن طيب نفس " أى بغير سؤال، ومثله قوله فى الآخر: " لا تلحفوا فى المسألة، فو الله لا يسألنى أحد شيئاً فتخرج له مسألته منى شيئاً وأنا له كاره، فيبارك له فيما أعطيته "، وقد يحتمل رجوعه على المعطى ويكون طيب النفس بما قسم الله له، وتفويضه إليه، وتوكله عليه وانتظاره فضله، وأن فى ضد هذا من الحرص والشره المحق وعدم البركة.

وقوله: " كالذى يأكل ولا يشبع " (٢) قيل: إنه من [داء به] (٣)، وهو الذى يسميه الأطباء: الجوع الكاذب، وهو عندهم من غلبة السوداء. وقد يكون أراد به كالبهائم الراعية، ويكون من معنى قوله فى الحديث الآخر الذى فى معناه: " وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حَبَطًا أَوْ يُلِم، إلا أكلة [الخضر] (٤) " الحديث، وسنذكره فى آخر هذا اللفظ بنصه. وقوله: " إن تبذل الفضل خير لك ": يريد: من حوز أجره وادخار ثوابه.


(١) البخارى، ك الزكاة، ب الاستعفاف عن المسألة، عن حكيم بن حزام ٢/ ١٥٢، وك الوصايا، ب تأويل قول الله تعالى: {مِّنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] ٤/ ٦، وكذا الترمذى، ك صفة القيامة، ٤/ ٦٤١ برقم (٢٤٦٣).
(٢) سيأتى فى الباب التالى.
(٣) فى الأصل: دائه، والمثبت من س.
(٤) ساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>