للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[فى آخرين] (١)، وكافة أهل النقل والتحقيق لأن الثقة بكتابه مع إذنه أكثر من الثقة بالسماع (٢) وأثبت. واختلفوا، إذا قال له: هذا مسموعى وروايتى، ولم يقل له: اروه عنى، فمنع بعضهم الرواية [به] (٣)، كالشاهد إذا لم يُشْهد على شهادته وسُمع بذكرها، وأجازها بعضهم (٤)، وإليه ذهب بعض أهل الظاهر وطائفةٌ من أئمة المحدثين والنظار، وقاله القاضى ابن خَلادٍ، وهو مذهب ابن حبيب (٥) من أصحابنا، وهى التى بغى (٦) عليه


= عطاء بن أبى رباح، وأبى جعفر الباقر، وعمرو بن شعيب، ومكحول، وقتادة، والزهرى، ومحمد ابن سيرين، ونافع مولى ابن عمر، وخلق كثير من التابعين وغيرهم. وكان مولده فى حياة الصحابة. روى عنه ابن شهاب الزهرى، ويحيى بن أبى كثير- وهما من شيوخه- وشُعبة، والثورى، ومالك، وابن المبارك، وأبو عاصم النبيل، وخلق كثير. قال فيه ابن سعد: كان ثقةً، خيّراً، فاضلاً، مأموناً، كثير العلم والحديث، والفقه، حجة. توفى سنة سبع وخمسين ومائة. الطبقات الكبرى ٧/ ٤٨٨، التاريخ الكبير ٥/ ٣٢٦، سير ٧/ ١٠٧، تهذيب ٦/ ٢٣٨.
(١) فى الأصل: والآخرين، وكتب أمامها بالهامش: بيان وآخرين، مما يقوى صحة ما أثبتناه وهو من ت.
(٢) فى الأصل: من السماع، والمثبت من ت وهو الأصح، لما فى الأول من التعقيد غير المحمود.
(٣) ساقطة من أصل النسخ، واستدركت فى هامش الأصل بسهم.
(٤) الضمير يعود على التحمل بالإجازة.
(٥) هو فقيه الأندلس، الإمام العلامة أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة ابن الصحابى عباس بن مرداس. أحد الأعلام. ولد فى حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة كان موصوفاً بالحذق فى الفقه، كبيرَ الشأن، بعيد الصيت -كما ذكر الذهبى- وقال: " كثير التصانيف، إلا أنه فى باب الرواية ليس بمتقن ".
وسبب ذلك عنده أنه يحمل الحديث تهوراً، كيف اتفق وينقُله وجادَةً، وإجازة، ولا يتعانى تحريرَ أصحاب الحديث. سير ١٢/ ١٠٢.
وهذا الذى رماه به الذهبى فى باب الرواية وتسويغه التحمل فيها بالإجازة هو عين ما يستدل به القاضى على جواز التحمل بها.
وسبب الحمل عليه -كما جاء فى ترتيب المدارك- " نقل الباجى وابن حزم عن ابن عبد البر أنه كان يكذبه بسبب تحمله بالإجازة وبخاصة عن أسد ". قال القاضى: وليس فيما تحومل بها عليه ما تقوم به دلالة على تكذيبه وترجيح نقل غيره على نقله. ثم ذكر الواقعة فقال: قال ابن وضاح: قال لى الحزامى: أتانى صاحبكم ابن حبيب بغرارة مملوءة كتباً، فقال لى: هذا علمك تجيزه لى؟ فقلت له: نعم. ما قرأ على منه حرفاً، ولا قرأته عليه. قال ابن أبى مريم: كان ابن حبيب عندنا نازلاً بمصر، وما كنت رأيتُ أدوم منه على الكتاب، دخلت إليه فى القائلة فى شدة الحر، وهو جالس على سدة، وعليه طويلة، فقلتُ: قلنسوةٌ فى مثل هذا؟ فكتال: هى تيجاننا. فقلت: فما هذه الكتب؟ متى تقرأ هذه؟ فقال: ما أشتغل بقراءتها، قد أجازها لى صاحبُها. فخرجت من عنده، فأتيتُ أسداً، فقلتُ: أيها الشيخ! تمنعنا أن نقرأ عليك وتجيز لغيرنا؟ فقال: أنا لا أرى القراءة، فكيف أجيز؟ إنما أخذ منى كتبى يكتب عنها ليردها على. قال القاضى: قال خالد: إقرار أسد له بروايتها، ودفع كتبه لنسخها هى الإجازة بعينها. وذكر عن يونس قال: أعطانا يونس كتبه عن ابن وهب، فقابلنا بها، فقلت: أصلحك الله! كيف نقول فى هذا؟ قال: إن شئتم قولوا: حدثنا، وإن شئتم قولوا: أخبرنا. قال القاضى -منتصراً لهذا المذهب: وقد قال مالك لمن سأله عن الأحاديث التى كتبها من حديث ابن شهاب ليحيى بن سعيد الأنصارى وقال له: أقرأها عليك؟ فقال: كان أفقه من ذلك- أى أن مثل هذا يغنى عن القراءة. ترتب المدارك ٤/ ١٢٢: ١٤١ بتصرف.
(٦) فى الأصل: نعى، والمثبت من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>