للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من لا يعرف مذهبه، قال ابن خلادٍ: حتى لو قال له: هذه روايتى ولكن لا تروها عنى لم يلتفت إلى نهيه وكان له أن يرويها عنه كما لو سمع منه حديثاً ثم قال له: لا تروه عنى ولا أجيزه لك لم يضر ذلك روايته، والصواب: جواز هذا كله لأنه إخبار وشهادة على إقرار (١).

قال القاضى: بخلاف الشهادة على الشهادة التى لا تصح إلا مع الإشهاد (٢) ويضر (٣) الرجوع عنها، ولا فرق فى التحقيق بين سماعه كتاباً عليه وقراءته أو دفعه إليه بخطه أو تصحيحه وقوله له: اروه عنى أو هذه روايتى (٤)، إذ كله إخبار بأنَّ ما سمع منه وما رأى عنده من حديثه يجوز له التحديث به عنه، وما مثل هذا الفصل إلا القراءة على الشيخ وهو ساكت -عند من لا يشترط التقرير- وهو كما قدمنا الصحيح، و [هو] (٥) مذهب الجمهور، وعلى هذا يأتى الحديث عن الكُتب المُوصَّى بها، فقد رُوى عن أيوب أنه قال لمحمد -يعنى ابن سيرين-: إِنَّ فُلاناً أوصى إلىَّ بكتُبِه، أفأحدّث بها عنه؟ قال: نعم، ثم قال لى بعد ذلك: لا آمُرُك ولا أنهاك. فهذا إن كان قد أعلمه أنها روايته فهو من هذا الباب، أو يكون فى معنى الوصيَّة إذنه بالحديث بها أو الإعلام بأنها من حديثه (٦)، وأما المناولة المجرَّدة من كتاب لم يحركه الشيخ عند الراوى ولا دفعه إليه حتى يحدّث منه أن ينقل نسخة منه -كما أحدثه بعض المتأخرين وتمالأ عليه الناس اليوم- فلا معنى له زائد على الإجازة -وإن كان بعض [الناس] (٧) والمشايخ قد ذهب إلى أنه متى عيَّن الكتاب أو سمَّاه فهو (٨) مناولة صحيحة، وذكر أنه لا يختلف فيها، وإنما الخلاف فى الإجازة المطلقة لغير شىء مُعَين. ولا فرق (٩) بين حدّثنا وأخبرنا وأنبأنا وخبَّرنا ونبأنا فى اللغة وعُرْفِ الكلام لمن فرَّق،


(١) شرط ابن الصلاح -وتبعه النووى- لذلك أن يكون الشيخ غيرَ مسند منعه لذلك إلى أنه أخطأ فيه أو شك ونحوه. المقدمة: ٢٦١، إرشاد ١/ ٣٦٧. قال السخاوى: وبه صَرَّح غير واحد من الأئمة. فتح المغيث ٢/ ٥٣، المحدث الفاصل: ٤٥٢، الإلماع: ١١٠، الباعث الحثيث: ١١٨.
(٢) لأن الشهادة تقتضى شرعاً خاصاً يختص بالمشهود له، والرواية تقتضى شرعاً عاماً فى حق الجميع. نهاية السول وحاشية منهاج العقول ٢/ ٢٨٦.
(٣) فى الأصل: ويضمر، والمثبت من ت.
(٤) الفرق المنتفى عند الجمهور هو ما بين القراءة والسماع، أما لإجازة فإنها على ما عرض له القاضى قبل من وقوع الخلاف فيها.
(٥) ساقطة من الأصل.
(٦) التحمل بالوصيَّة هو القسم الرابع من أقسام التحمل عند ابن الصلاح ومن تبعه، وهى أن يوصى الراوى عند موته أو سفره بكتاب يرويه لشخص.
ومثلوا له بتحمل أيوب السختيانى به عن شيخه أبى قلابة الجرمى حيث أوصى له بكتبه عند موته وهو بالشام وأيوب بالبصرة وقال: ادفعوا كتبى إلى أيوب إن كان حيًّا، وإلا فأحرقوها. المحدث الفاصل: ٤٥٩، الإلماع: ١١٦، إرشاد ١/ ٤١٧. وممن أجازها محمد بن سيرين فيمن أجازها من المتقدمين.
(٧) ساقطة من ت.
(٨) فى ت: فهى.
(٩) فى ت: ولا فى.

<<  <  ج: ص:  >  >>